فأعلمه ما يفعل به وبالمؤمنين (١).
الثاني: في الدنيا، ثم في ذلك قولان:
أحدهما: أن النبي - ﷺ - رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخيل وشجر وماء، فقصّها على أصحابه فاستبشروا؛ لما كان يلحقهم من الأذى بسبب المشركين، ثم إنهم مكثوا بُرهة لا يرون ذلك، فقالوا: يا رسول الله! متى تهاجر إلى الأرض التي رأيت؟ فسكت رسول الله - ﷺ -، فأنزل الله: ﴿وما أدري ما يفعل بي ولا بكم﴾ يعني: لا أدري أخرج إلى الموضع الذي رأيته في منامي أم لا؟ ثم قال: إنما هو شيء رأيته في منامي، وما أتبع إلا ما يوحى إليّ. روي ذلك كله عن ابن عباس (٢).
وقال الحسن: ما أدري أُخْرَجُ كما أُخْرِجَ الأنبياء قبلي؟ أو أقتل كما قتلوا؟ وما أدري ما يفعل بكم أتعذبون أم تؤخرون؟ أتصدقون أم تكذبون (٣) ؟.
وقال عطية: ما أدري هل يتركني بمكة أو يخرجني منها (٤) ؟.
وقيل: المعنى: وما أدري ما يفعل بي ولا بكم فيما يستقبل من الزمان، ويقدر لي ولكم في قضاياه.
وقيل: هو نفي للدراية المفصلة.
(٢)... ذكره الواحدي في أسباب نزول القرآن (ص: ٣٩٥)، وابن الجوزي في زاد المسير (٧/٣٧٢).
(٣)... أخرجه الطبري (٢٦/٧-٨). وذكره السيوطي في الدر (٧/٤٣٧) وعزاه لابن جرير.
(٤)... ذكره الواحدي في الوسيط (٤/١٠٤) بلا نسبة، وابن الجوزي في زاد المسير (٧/٣٧٢)، والسيوطي في الدر (٧/٤٣٥) وعزاه لابن المنذر.
(١/٢٠٧)