قالت: وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرِفَ في وجهه. قالت: يا رسول الله! [إن] (١) الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفَ في وجهك الكراهية؟ فقال: يا عائشة! ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، عُذّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا)) (٢).
وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٢٦) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨)
قوله تعالى: ﴿ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه﴾ وقال الزمخشري (٣) :"إنْ" نافية، أي: فيما ما مكناكم فيه، إلا أن "إنْ" أحسن في اللفظ؛ لما [فيه] (٤) مجامعة "ما" مثلها من التكرير المستبشع. ومثله مجتنب، ألا ترى أن الأصل في "مهما": "ما ما" فلبشاعة التكرير قلبوا الألف هاء. ولقد أغثّ أبو الطيب في قوله:
لعمرُكَ مَا مَا بَانَ منكَ لِضَارِبِ............................... (٥)

(١)... زيادة من الصحيح (٤/١٨٢٧).
(٢)... أخرجه البخاري (٤/١٨٢٧ ح٤٥٥١).
(٣)... الكشاف (٤/٣١٢-٣١٣).
(٤)... في الأصل: في. والتصويب من الكشاف (٤/٣١٢).
(٥)... صدر بيت للمتنبي، وعجزه: (بأقْتَلَ مما بَانَ منكَ لِعَائِبِ). انظر: ديوانه (ص: ٢٨٥)، وروح المعاني (٢٦/٢٧)، والدر المصون (٦/١٤٢).
(١/٢٣٠)


الصفحة التالية
Icon