فعلى [هذا] (١) القول يكون من خطاب التلوين؛ لأنه كان يخبر عن المنافقين.
ثم التفت إليهم موبخاً لهم فقال: ﴿فهل عسيتم إن توليتم﴾ أي: أعرضتم عن دين الإسلام، وأظهرتم الرجوع إلى عبادة الأصنام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الفساد في الأرض بالإغارة والنهب، وقطيعة الأرحام بالمقاتلة، ووأد البنات.
أو يكون المعنى: فهل عسيتم إن تأمرتم وتوليتم أمور الناس أن تفسدوا في الأرض بالجور والظلم وقطيعة الرحم. وهذا المعنى أكثر ما جاء في التفسير، وهو الذي يقتضيه قول ابن حيان وبكر، وعليه تدل الأحاديث والآثار.
والمعنى على قراءة علي عليه السلام: فهل عسيتم إن توليتكم ولاة ظلمة أن تفسدوا في الأرض بالخروج والقتال معهم، والإعانة لهم.
وأخبرنا الشيخان أبو القاسم أحمد بن عبدالله وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة البغداديان قالا: أخبرنا عبدالأول، أخبرنا عبدالرحمن، أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا خالد بن مخلد قال: حدثنا سليمان (٢) قال: حدثني معاوية بن أبي مزرد، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - قال: ((خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن، فقال: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال: فذاك. قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا

(١)... زيادة على الأصل.
(٢)... هو ابن بلال التيمي القرشي. تقدمت ترجمته.
(١/٢٦٨)


الصفحة التالية
Icon