وهذا وإن كان حسناً من حيث المعنى، غير أنه مدخول من حيث صنعة الإعراب؛ لما فيه من تقديم خبر النفي على حرف النفي، قالوا: لا يجوز: [زيداً] (١) ما ضربت (٢).
وذهب قوم إلى أن المعنى: كانوا ما يهجعون قليلاً من الليل، أي: كانوا يسهرون في قليل من الليل.
قال أنس بن مالك: يصلون ما بين المغرب والعشاء، ونظيره: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ (٣) [السجدة: ١٦].
ويرد عليه الذي ورد على الوجه الذي قبله من حيث الإعراب، وفيه خلل من حيث المعنى.
قال صاحب كشف المشكلات وإيضاح المعضلات (٤) : لا يجوز أن تكون "ما" نافية؛ لأنها لو كانت نافية تَرَدَّدَ الأمر في قوله: "من الليل"، فإما أن تكون صفة لـ"قليل" وذلك لا يجوز؛ لأن "قليلاً" ظرف زمان، فلا يصح كونه خبراً للواو في "كانوا"؛ لأنهم جُثَثٌ، وظرف الزمان لا يكون خبراً للجُثَّة، وإن قُدِّرت: كانوا ما يهجعون قليلاً من الليل، أو قُدِّرت: كانوا قليلاً ما يهجعون من الليل، فكنت قد

(١)... في الأصل: زيد. والمثبت من ب.
(٢)... انظر: التبيان (٢/٢٤٣-٢٤٤)، والدر المصون (٦/١٨٥-١٨٦).
(٣)... أخرجه أبو داود (٢/٣٥ ح١٣٢٢)، والنسائي في الصغرى (١/٤٧٨ ح٨٤١)، والطبري (٢٦/١٩٦)، والحاكم (٢/٥٠٧ ح٣٧٣٧)، والبيهقي في الكبرى (٣/١٩ ح٤٥٢٤). وذكره السيوطي في الدر (٧/٦١٥) وعزاه لأبي داود وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه.
(٤)... كشف المشكلات (٢/٣٢٩).
(١/٤١٤)


الصفحة التالية
Icon