زعموا أنه جاء بالقرآن من تلقاء نفسه، ثم أكد ذلك بقوله: ﴿إن هو إلا وحي يوحى﴾ أي: ما القرآن إلا وحي من الله تعالى أوحاه إليه.
وربما احتج بهذه الآية من لم يجوز للنبي - ﷺ - أن يجتهد فيما لم ينزل عليه فيه وحي، ولا حجة فيها؛ لأنه إذا كان مأذوناً له في الاجتهاد فهو من الوحي.
عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)
﴿علمه شديد القوى﴾ وهو جبريل - ﷺ - (١).
ومن آثار قوته: اقتلاعه قرى قوم لوط حاملاً لها على جناحه، رافعاً لها إلى السماء، وصياحه بثمود فأصبحوا جاثمين.
﴿ذو مِرَّة﴾ حصافة في عقله ورأيه، ومتانة في دينه.
وقال أكثر المفسرين: ذو شِدَّة في خلقه.
﴿فاستوى * وهو﴾ أي: استوى جبريل ومحمد ﴿بالأفق الأعلى﴾، ليلة أسري بمحمد - ﷺ -. فتكون الواو في "وهو" عاطفة على الضمير في "استوى" غير مؤكد،
(١/٤٦٤)