كقول الشاعر:
ألمْ تَرَ أنَّ النبْعَ يَصْلُبُ عُودُه...... ولا يَسْتَوي والخِرْوَعُ المتَقَصِّفُ (١)
وعليه حملوا أيضاً قوله تعالى: ﴿أئذا كنا تراباً وآباؤنا﴾ [النمل: ٦٧].
وقيل: فاستوى جبريل، أي: استقام وهو بالأفق الأعلى على صورته الحقيقية التي جُبل عليها، فإنه كان يتمثل لرسول الله - ﷺ - إذا هبط عليه في صورة رجل، فأحب رسول الله - ﷺ - أن ينظره في صورته الملكيّة التي خلق عليها، فاستوى في أفق المشرق فملأ الأفق.
قال مجاهد: "الأفق الأعلى": مطلع الشمس (٢).
وقال غيره: إنما قيل: الأعلى؛ لأنه فوق جانب المغرب في صعيد الأرض، لا في الهواء (٣).
قال المفسرون: سأل رسولُ الله - ﷺ - جبريلَ أن يريه نفسه في صورته التي خُلق عليها، فأراه نفسه مرتين، مرة في الأرض، ومرة في السماء. فأما في الأرض ففي الأفق الأعلى، وذلك أن محمداً - ﷺ - كان بحراء، فطلع له جبريل من المشرق فسدّ الأفق إلى المغرب، فخرّ رسول الله - ﷺ - مغشياً عليه، فنزل جبريل في صورة الآدميين، فضمّه إلى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه. وأما في السماء فعند
(٢)... ذكره الماوردي (٥/٣٩٢)، وابن الجوزي في زاد المسير (٨/٦٥)، والسيوطي في الدر (٧/٦٤٤) وعزاه لابن المنذر عن ابن عباس.
(٣)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨/٦٥).
(١/٤٦٥)