وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً من أعمالهم، ولو أنفقتَ جبل أُحد أو مثل جبل أُحد ذهباً في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير ذلك لدخلت النار. قال: فأتيت حذيفة فقال لي مثل ذلك، وأتيت ابن مسعود فقال لي مثل ذلك، وأتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي - ﷺ - مثل ذلك)) (١).
وفي الصحيح من حديث عمر بن الخطاب قال: ((بينما نحن جلوس عند النبي - ﷺ - ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي - ﷺ - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد! أخبرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت. قال: ثم انطلق، فلبثت ملياً، ثم قال: يا عمر، تدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) (٢). وهو مختصر من حديث طويل.
وقد ذكرت في أثناء كتابي هذا أنواعاً من الأدلة الدّالة على بطلان مذهبهم، ولولا خشية الإطالة لذكرتُ في إقامة حُجج الله عليهم من الكتاب والسنة وإجماع الأمة ما يملأ أوراقاً كثيرة، لكن في هذا القدر كفاية لمن أراد الله تعالى هدايته.
قال أبو الأسود الدؤلي: ما أدركتُ أحداً من أصحاب النبي - ﷺ - إلا وهو يُثبت

(١)... أخرجه أحمد (٥/١٨٢ ح٢١٦٢٩).
(٢)... أخرجه مسلم (١/٣٧ ح٨).
(١/٥٣٨)


الصفحة التالية
Icon