وقرئ شاذاً: "فاطرِ" بالجر (١)، على معنى: فحكمه إلى الله فاطر السموات، وما بين الصفة والموصوف اعتراض.
﴿جعل لكم﴾ أي: خلق لكم ﴿من أنفسكم﴾ أي: من جنسكم من بني آدم ﴿أزواجاً﴾، قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي (٢) : يعني: نساء، ﴿ومن الأنعام أزواجاً﴾ أصنافاً، ذكوراً وإناثاً.
قال الزجاج (٣) : المعنى: خلق الذكر والأنثى من الحيوان كلّه.
وقال صاحب الكشاف (٤) : المعنى: وخلق من الأنعام أزواجاً. ومعناه: وخلق للأنعام أيضاً من أنفسها أزواجاً.
ويجوز عندي أن يكون المعنى: وجعل لكم يا بني آدم أزواجاً من جنسكم، وجعل لكم أيضاً من الأنعام أزواجاً، ذكوراً وإناثاً يتناسلون لأكلكم ولركوبكم، ولغير ذلك من أنواع الانتفاع المتعلق بها. ويؤيد هذا التأويل قوله تعالى: ﴿خلق لكم ما في الأرض جميعاً﴾ [البقرة: ٢٩].
ولأنه لو أراد المعنى الذي ذكره صاحب الكشاف لما اقتصر على بهيمة الأنعام؛ لأن جميع الحيوانات قد خلق الله تعالى لها من أنفسها أزواجاً، بل أراد الامتنان على عباده بما خلق لهم من الأزواج من جنسهم للسكون وغيره، ومن بهيمة الأنعام للأكل والركوب وغيرهما.

(١)... انظر هذه القراءة في: البحر (٧/٤٨٨)، والدر المصون (٦/٧٦). وهي قراءة زيد بن علي.
(٢)... زاد المسير (٧/٢٧٥).
(٣)... معاني الزجاج (٤/٣٩٥).
(٤)... الكشاف (٤/٢١٧).
(١/٥٨)


الصفحة التالية
Icon