وقال سعيد بن جبير: من قبل أن نبرأ الأرض والنفس (١).
﴿إن ذلك﴾ أي: إن تقدير ذلك وإثباته في كتاب من قبل كونه ﴿على الله يسير﴾.
ثم بَيَّنَ الحكمة في ذلك، فقال: ﴿لكيلا تأسوا﴾ أي: تحزنوا ﴿على ما فاتكم﴾ من الدنيا مما لا يُقَدَّرُ لكم ﴿ولا تفرحوا بما آتاكم﴾ قرأ أبو عمرو وحده من بين القرّاء العشرة: "بما أتَاكُم" بقصر الهمزة (٢)، جعله فعلاً ماضياً، بمعنى: جاءكم ليُعَادِل به ما فاتكم، فكما أن الفعل [للفائت] (٣) في قوله: "فاتكم"، كذلك يكون الفعل [للآتي] (٤) في [قوله] (٥) :"بما أتاكم"، والعائد إلى الموصول بين الكلمتين، أعني: "فاتكم" و"أتاكم" هو الضمير المرفوع، بأنه فاعل.
ومن قرأ: "بما آتاكم" بالمد، فمعناه: بما أعطاكم، والفاعل هو الله تعالى.
والمراد: لكيلا تُفرطوا في الأسى والفرح.
قال ابن عباس: ليس أحدٌ إلا وهو يحزن ويفرح، ولكن العاقل من جعل الفرح شكراً، والحزن صبراً (٦).

(١)... ذكره القرطبي (١٧/٢٥٧).
(٢)... الحجة للفارسي (٤/٣١)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٧٠١-٧٠٢)، والكشف (٢/٣١١)، والنشر (٢/٣٨٤)، والإتحاف (ص: ٤١١)، والسبعة (ص: ٦٢٦).
(٣)... في الأصل: الفائت. والتصويب من ب.
(٤)... في الأصل: الآتي. والتصويب من ب.
(٥)... زيادة من ب.
(٦)... أخرجه الطبري (٢٧/٢٣٥)، والحاكم (٢/٥٢١ ح٣٧٨٩)، وابن أبي شيبة (٧/١٣٧ ح٣٤٧٨٩)، والبيهقي في الشعب (١/٢٢٩ ح٢٣٧). وذكره السيوطي في الدر (٨/٦٢) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان.
(١/٦٤٩)


الصفحة التالية
Icon