وقال جعفر الصادق عليه السلام: يا ابن آدم! ما لك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت، وما لك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت (١).
وقيل لبرزجمهر: ما لك أيها الحكيم، لا تأسف على ما فات ولا تفرح بما هو آت، فقال: إن الفائت لا يُتلافى بالعبرة، والآتي لا يُستدام [بالحَبْرَة] (٢).
وكان سالم الخواص يقول: من أراد أن يأكل الدارين فليدخل في مذهبنا عامين [ليضع] (٣) الله [تعالى] (٤) الدنيا والآخرة بين يديه، قيل: وما مذهبكم؟ قال: الرضا بالقضاء ومخالفة الهوى (٥)، وأنشد:
لا تُطِلِ الحُزْنَ على فائتٍ... فَقَلَّما يُجدي عليكَ الحزن
سِيَّانِ محزونٌ على ما مضى... ومُظهِرٌ حُزناً لما لم يكن (٦)
وقال قتيبة بن سعيد: دخلت بعض أحياء العرب، فإذا أنا بفضاء من الأرض [مملوء] (٧) من الإبل موتى، بحيث لا أحصي عددها، فسألت عجوزاً: لمن هذه
(٢)... ذكره الثعلبي في تفسيره (٩/٢٤٥). وما بين المعكوفين في الأصل: بالخبرة. والمثبت من ب.
... والحبرة: الفرح والسرور (اللسان، مادة: حبر).
(٣)... في الأصل: ليضيع. والتصويب من ب.
(٤)... زيادة من ب.
(٥)... ذكره الثعلبي (٩/٢٤٦).
(٦)... البيتان لمحمود الوراق، انظرهما في: أدب الدنيا والدين (١/٣٦٣).
(٧)... في الأصل: مملوءاً. والتصويب من ب.
(١/٦٥٠)