سياق الكلام أنه فاعل ما [يشاؤه] (١) لا [ما] (٢) يشاؤه الإنسان، فكان ذكر الإناث من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهمّ، والأهمّ واجب التقديم، ولِيَلي الجنس الذي كانت العرب [تَعُدُّهُ] (٣) بلاءً ذكر البلاء، فلما أخَّرَهم لذلك تدارك تأخيرهم، وهم أحقاء بالتقديم بتعريفهم؛ لأن التعريف تنويه وتشهير، كأنه قال: ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم، ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حقه من التقديم والتأخير، وعرف أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن، لكن لمقتضى آخر.
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣)
قوله تعالى: ﴿وما كان لبشر﴾ سبب نزولها: أن اليهود قالوا للنبي - ﷺ -: ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً [صادقاً] (٤) كما كلمه موسى ونظر إليه؟ فقال لهم: لم
(٢)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(٣)... في الأصل: بعده. والتصويب من الكشاف، الموضع السابق.
(٤)... زيادة من الماوردي (٥/٢١٢)، وزاد المسير (٧/٢٩٧).
(١/٩٣)