أموالكم، فقَوُوا وضَعُفْتُم، وايم الله! لو أمسكتُم أيديكم لتفرّقتْ عن هذا جموعُه، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذلّ، وكان في القوم زيد بن أرقم، وهو غلامٌ لا يُؤْبَهُ له، فقال لعبد الله: أنت والله الذليل القليل البغيض في قومك، ومحمدٌ - ﷺ - في عز من الرحمن، ومودة من المسلمين، فقال عبدالله: اسكت، إنما كنت ألعب، فأقبل زيد بالخبر إلى رسول الله - ﷺ -، فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق يا رسول الله، فقال: إذاً تُرْعَدُ له أُنُفٌ كثيرة. قال: فإن كرهتَ أن يقتله رجل من المهاجرين، فمرْ سعد بن عبادة أو محمد بن مسلمة أو عباد بن بشر فليقتله، فقال: إذاً يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، فأرسل رسول الله - ﷺ - إلى عبد الله بن أُبيّ فأتاه، فقال: أنت صاحب هذا الكلام، فقال: والذي أنزل عليك ما قلتُ شيئاً من هذا، وإن زيداً لكذاب، فقال من حضر: يا رسول الله! لا [يُصَدَّقُ] (١) عليه غلام، عسى أن يكون قد وهم، فعذره رسول الله - ﷺ -، فَفَشَتِ الملامة في الأنصار لزيد بن أرقم، وكذّبوه، فقال له عمّه: ما أردّتَ إلا أن يكذّبك رسول الله - ﷺ - والناس ومَقَتُوك، فاستحيا زيد، ووقع عليه من الهمّ ما [لم] (٢) يقع على أحد، وجعل لا يسير قريباً من النبي - ﷺ - حياء منه، وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبيّ ما كان من خبر أبيه، فأتى رسولَ الله - ﷺ - فقال: يا رسول الله! بلغني أنك تريد قتل أبي لما بلغك عنه، فإن كنتَ فاعلاً فمُرْني به أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمتِ الخزرجُ ما كان بها رجلٌ أبرَّ [بوالديه] (٣) مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا

(١)... في الأصل: تصدق. والمثبت من ب.
(٢)... في الأصل: لا. والتصويب من ب.
(٣)... في الأصل: بولديه. والتصويب من ب.
(١/١٣٨)


الصفحة التالية
Icon