نَحيفُ الشَّوى يَعْدُو على أمّ رأسه... ويحْفَى فيقوى عَدْوُه حينَ يُقْطَعُ
يَمُجُّ ظلاماً في نَهارٍ لسانُه، ويَفْهَمُ... عَمَّنْ قال ما ليسَ يَسْمَعُ (١)
وآثر الوزير ضياء الدين أبو الفتح ابن الأثير نثر هذا النظم، فقرطس في البلاغة بالإصابة، وحلاّه إذ حلّه فاتّسعت به الأسماع مع الغرابة فقال: أخرس وهو فصيح الإيراد، أصمّ وهو يسمع مناجاة الفؤاد. ومن عجيب شأنه: أنه لا يَنطق إلا إذا قطع لسانه، ولا يضحك إلا إذا بَكَتْ أجفانه.
قوله تعالى: ﴿وما يسطرون﴾ "ما" موصولة، أو مصدرية.
قال مجاهد: ما تكتب الملائكة من الذكر (٢).
وقال مقاتل وغيره (٣) : ما تكتبه الحَفَظَة من أعمال بني آدم.
وقيل: ما يسطره جميع الكَتَبَة.
﴿ما أنت﴾ يا محمد ﴿بنعمة ربك بمجنون﴾ نفى ذلك عنه لقولهم: ﴿إنك لمجنون﴾ [الحجر: ٦]، والباء في "بنعمة" تتعلق "بمجنون"، وهي في محل الحال (٤)، تقديره: ما أنت بمجنون منعّماً بذلك، والباء في "بمجنون" لتوكيد النفي.
﴿وإن لك﴾ بصبرك على أذاهم مُنضماً إلى ما أنعمتُ عليك به من النبوة والإيمان، وظهور دينك على سائر الأديان، وارتفاع شأنك، واستفحال سلطانك

(١)... البيتان للمتنبي، انظر: ثمار القلوب (ص: ٢٥٧).
(٢)... أخرجه الطبري (٢٩/١٧). وذكره الماوردي (٦/٦٠).
(٣)... تفسير مقاتل (٣/٣٨٦).
(٤)... انظر: الدر المصون (٦/٣٥٠).
(١/٢١٧)


الصفحة التالية
Icon