كان، والتقدير في الاستفهام: أتطيعُه (١) لأن كان.
فإن قيل: ما منعك أن تجعل "أن كان" متعلقاً بـ"عُتُلّ"، على معنى: عُتُلّ لأن كان ذا مال وبنين؟
قلتُ: وصْفه بـ"زنيم" لا يجوز عندهم: هذا ضارب ظريف زيداً.
فإن قيل: فهلا عُلّق بقوله: ﴿قال أساطير الأولين﴾ ؟
قلتُ: لأنه جواب الشرط، وجواب الشرط لا يعمل فيما قبل الشرط؛ لأن حكم العامل أن يكون قبل المعمول فيه، وحكم جواب الشرط: أن يكون بعده، والشيء إذا كان في رتبته وموضعه لم ينوبه غير موضعه.
ثم إن الله توعد هذا المخذول الموصوف بهذه الأوصاف التسعة من الذم فقال: ﴿سنسمه على الخرطوم﴾ قال المبرد: "الخُرْطُوم" من الناس: الأنف، ومن البهائم: الشَّفَة (٢). وكذلك قال الفراء وأبو عبيدة (٣) وأبو زيد وغيرهم: الخرطوم: الأنف، والسِّمَةُ: العلامةُ.
والمعنى: سنجعل له يوم القيامة في وجهه علامة مشوّهة يتبين بها عن سائر الكَفَرَة.
قال الكلبي: يُضرب في النار على أنفه يوم القيامة (٤).

(١)... في ب: أنطيعه.
(٢)... انظر قول المبرد في: الماوردي (٦/٦٦).
(٣)... معاني الفراء (٣/١٧٤). ولم أقف عليه في مجاز القرآن لأبي عبيدة.
(٤)... ذكره الماوردي (٦/٦٦).
(١/٢٢٧)


الصفحة التالية
Icon