قال أبو علي (١) : المعنى: تبوؤوا الدار ودار الإيمان من قبلهم.
وقال غيره: تبوؤوا الدار وآثروا الإيمان، أو وقبلوا الإيمان من قبلهم.
قال الزمخشري (٢) : المعنى: تبوؤا الدار وأخلصوا الإيمان؛ كقوله:
وعَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارداً.......................... (٣)
أو جعلوا الإيمان مستقَرّاً ومتوَطَّناً لهم؛ لتمكنهم منه، واستقامتهم عليه، كما جعلوا المدينة كذلك. أو أراد دار الهجرة ودار الإيمان، فأقام لام التعريف في "الدار" مقام المضاف إليه، وحذف المضاف من دار الإيمان ووضع المضاف إليه مقامه. أو سمى المدينة داراً؛ لأنها دار الهجرة، ومكان ظهور الإيمان بالإيمان، "من قبلهم" أي: من قبل المهاجرين؛ لأنهم سبقوهم في تبوء دار الهجرة والإيمان.
وقيل: من قبل هجرتهم.
﴿يحبون من هاجر إليهم﴾ وهذا من أحسن ما وصفَهم به؛ لأنه أخبر أنهم يفعلون ذلك مع المهاجرين، مع محبتهم لهم وميلهم إليهم، وفيه تحقيقٌ لمعنى كرم طباعهم بأبلغ الطرق.
﴿ولا يجدون﴾ يعني: الأنصار ﴿في صدورهم حاجة مما أوتوا﴾. قال المفسرون: لا يجدون في صدورهم غيظاً وحَسَداً مما أوتي [المهاجرون] (٤) من الفيء والغنيمة، وخُصّوا به دونهم.

(١)... الحجة للفارسي (٢/٣٨٣).
(٢)... الكشاف (٤/٥٠٤).
(٣)... تقدم.
(٤)... في الأصل: المهاجرين. والتصويب من ب.
(١/٥٥)


الصفحة التالية
Icon