وإنهم ميتون} [الزمر: ٣٠] حلال بهذا البلد، تصنع فيه ما تشاء، من قتل وأسر، فيكون خارجاً مخرج البشارة له، بأنه سيفتح عليه، فيكون [فيه] (١) حِلاًّ، فظهر أثر ذلك يوم الفتح، وأحله له ساعة من النهار، فقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، ومقيس بن صبابة، وغيرهما (٢). ثم قال: «إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحل لأحد قبلي، ولن تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار» (٣).
ويحتمل عندي على هذا القول: أن تكون الواو في "وأنْتَ" حاليّة، فيكون مُقْسِماً بالبلد الحرام على أكمل أوصافه، وأحسن أحواله، مُطهَّراً من الأصنام وعابديها، مُحَلَّى بزينة أهل الإيمان، فإنه لما ظهر النبي - ﷺ - على مكة وجد حول الكعبة ثلاثمائة وستين صنماً، فجعل يطعن فيها ويقول: «جاء الحق وزهق الباطل، جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد» (٤)، وأذّن بلال على الكعبة رافعاً صوته بقوله: "أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله"، فنال منهم ذلك كل منال، وأعزّ الله دين الإسلام في ذلك اليوم، وأذلّ سلطان الشرك.
وقيل: المعنى: وأنت حِلٌّ عند المشركين، يستحلون أذاك وقتلك وإخراجك، ويحرّمون قتل الصيد.

(١)... زيادة من ب.
(٢)... أخرجه الطبري (٣٠/١٩٤)، وابن أبي حاتم (١٠/٣٤٣٢). وذكره السيوطي في الدر (٨/٥١٦) وعزاه لابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس.
(٣)... أخرجه البخاري (٤/١٥٦٧ ح٤٠٥٩).
(٤)... أخرجه البخاري (٢/٨٧٦ ح٢٣٤٦) من حديث عبدالله بن مسعود.
(١/٦٢٩)


الصفحة التالية
Icon