﴿لكم﴾ قوله تعالى: ﴿لمن كان يرجو الله واليوم الآخر﴾، وعَقَّبَهُ بقوله: ﴿ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد﴾ فلم يترك نوعاً من التأكيد إلا جاء به.
قال مقاتل وغيره (١) : فلما نزلت هذه الآيات بالغ المسلمون في مقاطعة أبنائهم وآبائهم وعشائرهم وأقربائهم.
فلما رأى اللهُ منهم صدقَهم في البراءة من المشركين وَعَدَهُم بما يتمنونه فقال: ﴿عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة﴾، ففعل ذلك بأن أسلم كثير منهم يوم الفتح: أبو سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وحكيم بن حزام، وسهيل بن عمرو، وغيرهم من صناديد قريش.
وتزوج رسولُ الله - ﷺ - أمَّ حبيبة بنت أبي سفيان، وكانت هاجرتْ مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى الحبشة فتنصّر، وأَبَتْ أن تُتابعه، فمات، وبعث رسول الله - ﷺ - إلى النجاشي فخطبها عليه، وساق عنه إليها أربعمائة دينار، وبلغ ذاك أباها فاستبشر وقال: ذاك والله الفَحْل، لا يُقْرَعُ أنفه، وانكسر عن كثير مما كان عليه من الإيغال في عداوة رسول الله - ﷺ -.
﴿والله قدير﴾ على تقليب قلوب العباد وإصلاح أهل الفساد، ﴿والله غفور رحيم﴾ لا يتعاظم عليه مغفرةُ تلك السيئات الشنيعة، والصفح عن تلك الجنايات الفظيعة.
قوله تعالى: ﴿لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين﴾ ذهب جماعة من المفسرين: إلى أنها نزلت في النساء والصبيان.
(١/٨٧)