منه: قوله تعالى في الإنكار على من جعل مع الله إلهاً آخر، وإبطال زعمه الكاذب الذي هو أساس الوثنية: أن هؤلاء الأولياء والآلهةأبناء الله؛ لأنهم النور الذي انبثق منه تجسدوا بشراً ثم عادوا إلى النورانية، فيقول: ﴿ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ ﴾، [ الكهف: ٥ ]، فأبان أن قولهم هذا بلا علم ومن المعلوم: أنه كل قول بلا علم من الطرق الباطلة. ثم صرح بقبحه قولُه: ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾، [ الكهف: ٥ ]، ثم ذكر له مرتبة من البطلان أسفل: ﴿ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً ﴾، [ الكهف: ٥ ]، وقال في حق المنكرين للعبث: ﴿ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ ﴾، [ النمل: ٦٦ ]، أيْ علمهم فيها علم ضعيف سافل إلى أحط الدركات، لا يعتمد عليه إلا سفيه ثم انتقل إلى ما هو ابلغ منه، فقال: ﴿ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ﴾، [ النمل: ٦٦ ]، والعمى آخر مراتب الحيرة والضلال.
وقال عن نوح في تقرير رسالته وإبطال قول من كذبه، وزعم أنه في ضلال مبين: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ ﴾، [ الأعراف: ٦١ ]، ثم لما نفى الضلالة من كل وجه أثبت الهدى الكامل له، فقال:﴿ لَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ ﴾، [ الأعراف: ٦١ ]، ثم انتقل إلى ما هو أعلى منه، وأن مادة هذا الهدى الذي جئت به من الوحي الذي هو أصل الهدى ومنبعه، فقال:﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾، [ الأعراف: ٦١ ]، وكذلك هود عليه الصلاة والسلام، وقال في تقرير رسالة أفضل الرسل وخاتمهم: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى {١﴾ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى }، [ النجم: ١-٢ ]، فنفى عنه ما ينافي الهدى من كل وجه ثم قال: ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾، [ النجم: ٤ ]، الآيات.