اللغَة: ﴿رُّبَمَا﴾ ربَّ للتقليل و ﴿مَآ﴾ نكره موصوفة أي رب شيء ﴿لَّوْمَا﴾ للتحضيض كلولا وهلاّ ﴿شِيَعِ﴾ جمع شيعة وهي الفرقة والطائفة من الناس ﴿نَسْلُكُهُ﴾ ندخله، والسَّلْك: إدخال الشيء في الشيء ﴿يَعْرُجُونَ﴾ عَرَج: صعد، والمعارج المصاعد ﴿سُكِّرَتْ﴾ سُدَّت ومنعت ﴿بُرُوجاً﴾ البروج: منازل الكواكب السيارة وأصله الظهور ومنه تبرج المرأة وهو إظهار زينتها ﴿لَوَاقِحَ﴾ جمع لاقح وهي الريح التي تحمل المطر، والتي لا تأتي بخير تسمى الريح العقيم، أو ملقّحة للشجر أي تحمل اللّقاح له ﴿صَلْصَالٍ﴾ طين يابس يسمع له صلصلة إذا يبس ﴿حَمَإٍ﴾ الحمأ: الطين الأسود ﴿مَّسْنُونٍ﴾ منتن متغير قال الفراء: هو المتغيّر وأصله من سننتُ الحجر إذا حككته به ﴿السموم﴾ الريح الحارة القاتلة.
سَبَبُ النّزول: عن ابن عباس قال: كانت امرأة تصلي خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حسناء من أحسن الناس، فكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لئلا يراها، ويتأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فإذا ركع نظر من تحت إبطه فأنزل الله ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستقدمين مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المستأخرين﴾.
التفسِير: ﴿
الار﴾
إشارة إلى إعجاز القرآن أي هذا الكتاب العجيب المعجز كلام الله تعالى وهو منظوم من أمثال هذه الحروف الهجائية الألف واللام والراء ﴿تِلْكَ آيَاتُ الكتاب﴾ أي هذه آيات الكتاب، الكامل في الفصاحة والبيان، المتعالي عن الطاقة البشرية، ﴿وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ﴾ أي قرآنٍ عظيم الشأن، واضحٍ بيّن، لا خلل فيه ولا اضطراب ﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ﴾ أي ربما تمنى الكفار ﴿لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ﴾ أي لو كانوا في الدنيا مسلمين، وذلك عند معاينة أهوال الآخرة ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ﴾ أي دَعْهم يا محمد يأكلوا كما تأكل البهائم، ويستمتعوا بدنياهم الفانية ﴿وَيُلْهِهِمُ الأمل﴾ أي يشغلهم الأمل بطول الأجل، عن التفكر فيما ينجيهم من عذاب الله ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ أي عاقبة أمرهم إذا رأوا القيامة وذاقوا وبال ما صنعوا، وهو ويعد وتهديد ﴿وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ﴾ أي وما أهلكنا أهل قرية من القرى الظالمة التي كذبت رسل الله ﴿إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ أي إلا لها أجل محدود لإهلاكها ﴿مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا﴾ أي لا يتقدم هلاك أمةٍ قبل مجيء أوانه ﴿وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ أي ولا يتأخر عنهم قال ابن كثير: وهذا تنبيهٌ لأهل مكة وإِرشاد لهم غلى الإِقلاع عما هم عليه من العِناد والإِلحاد الذي يستحقون به الهلاك ﴿وَقَالُواْ ياأيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر﴾ قال كفار قريش لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على جهة الاستهزاء والتهكم: يا من تزعم وتدعي أن القرآن نزل عليك ﴿إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ أي إنك حقاً لمجنون، أكّدوا الخبر بإنَّ واللام مبالغة في الاستخفاف والاستهزاء بمقامه الشريف عليه السلام ﴿لَّوْ مَا تَأْتِينَا بالملائكة إِن كُنتَ مِنَ الصادقين﴾ أي هلاّ جئتنا بالملائكة لتشهد لك بالرسالة إن كنت صادقاً في دعواك أنك رسول الله!! قال تعالى رداً عليهم ﴿مَا نُنَزِّلُ الملائكة إِلاَّ بالحق﴾ أي ما ننزّل ملائكتنا إلا بالعذاب لمن أردنا إهلاكه ﴿وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ﴾ أي وفي هذه الحالة وعندئذٍ لا إمهال ولا تأجيل، والغرض أن عادة الله تعالى قد جرت في خلقه أنه لا ينزل الملائكة إلا لمن يريد


الصفحة التالية
Icon