فَإنَّكَ لا تغفل عن شيء من نفسك إلاَّ وقد تَرَكَّبت عليه غفلة بربك، لأن كل شيء منك دليل عليه، وطريق مهيع إليه، والباري سبحانه يبصرك نفسه بنفسك، قال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: ٢٠ - ٢١].
وفي كل شيء له آية، في السموات والأرض، وما بينهما، وفي النفس، ونفسك أقرب إليك وأقعد بك.
فهذا طريق وأصل في التفسير، وقانون من التأويل، فخذ به، وركّب عليه ما في ابن آدم من الآيات، وقد قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: ٥٣].
قيل: تستدل بكل شيء من المخلوقات على الباري، فإذا عرفته، استدللت به على كلّ شيء، وقوله: "في الآفاق": من تغير الأحوال، وتبديل الدول، واختلاف الليل والنهار، والغيم والصحو، وظهور الإِسلام، وخمول الكفر، إلى غير ذلك من بحار التأويل، ومهامه التفسير، وتركب عليه ما يليق به من التنظير.
نكتة في الباب:
ولا يخفى فضلُ الروح على الجسد، فإن الله سبحانه لما ذكره قال: ﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ﴾ [ص: ٧١].
فأضاف الجسد إلى الطين، ولما ذكر الروح أضافها إلى نفسه تشريفاً