سُورَةُ النَّمْلِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثَلَاثٌ وَتُسْعُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿طس، تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ. هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [النمل: ٢] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْلَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِيمَا كَانَ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ فِي فَوَاتِحَ السُّوَرِ، فَقَوْلُهُ: ﴿طس﴾ [النمل: ١] مِنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قَوْلَهُ " ﴿طس﴾ [النمل: ١] قَسَمٌ أَقْسَمَهُ اللَّهُ هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ". حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَالْوَاجِبُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: وَالسَّمِيعِ اللَّطِيفِ إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي أَنْزَلْتُهَا إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ لَآيَاتُ الْقُرْآنِ وَآيَاتُ كِتَابٍ مُبِينٍ: يَقُولُ: يَبِينُ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَفَكَّرَ فِيهِ بِفَهْمٍ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أَنْزَلَهُ إِلَيْكَ، لَمْ تَتَخَرَّصْهُ أَنْتَ وَلَمْ تَتَقَوَّلْهُ وَلَا أَحَدٌ سِوَاكَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ -[٦]- تَظَاهَرَ عَلَيْهِ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ. وَخَفَضَ قَوْلَهُ: ﴿وَكِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [المائدة: ١٥] عَطْفًا بِهِ عَلَى الْقُرْآنِ.