سُورَةُ الْحَدِيدِ مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا تِسْعٌ وَعِشْرُونَ
الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْحَدِيدُ: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أَنَّ كُلَّ مَا دُونَهُ مِنْ خَلْقِهِ يُسَبِّحُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِقْرَارًا بِرُبُوبِيَّتِهِ وَإِذْعَانًا لِطَاعَتِهِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾
وَقَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [إبراهيم: ٤] يَقُولُ: وَلَكِنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ الْعَزِيزُ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ عَصَاهُ، فَخَالَفَ أَمْرَهُ مِمَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ خَلْقِهِ ﴿الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: ٣٢] فِي تَدْبِيرِهِ أَمْرَهُمْ، وَتَصْرِيفِهِ إِيَّاهُمْ فِيمَا شَاءَ وَأَحَبَّ
وَقَوْلُهُ: ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَهُ سُلْطَانُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَلَا شَيْءَ فِيهِنَّ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ، وَهُوَ فِي جَمِيعِهِمْ نَافِذُ الْأَمْرِ، مَاضِي الْحُكْمِ
وَقَوْلُهُ: ﴿يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [البقرة: ٢٥٨] يَقُولُ يُحْيِي مَا يَشَاءُ مِنَ الْخَلْقِ بِأَنْ يُوجِدَهُ كَيْفَ يَشَاءُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُحْدِثَ مِنَ النُّطْفَةِ الْمَيْتَةِ حَيَوَانًا بِنَفْخِ الرَّوْحِ فِيهَا مِنْ بَعْدِ تَارَاتٍ يُقَلِّبُهَا فِيهَا، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَيُمِيتُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْأَحْيَاءِ بَعْدَ الْحَيَاةِ -[٣٨٥]- بَعْدَ بُلُوغِهِ أَجَلَهُ فَيُفْنِيهِ ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [المائدة: ١٢٠] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ذُو قُدْرَةٍ، لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَرَادَهُ، مِنْ إِحْيَاءٍ وَإِمَاتَةٍ، وَإِعْزَازٍ وَإِذْلَالٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ