الإجابة
الحمد لله
ذكر غير واحد من المفسرين أن إبليس لما أراد أن يدخل الجنة ، ليستزل آدم وحواء
عليهما السلام ، فدَخل في جوف الحية ، فلما دخلت الحية الجنة ، خرج إبليس من جوفها
.
وقيل : إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض أيُّها يحمله ، حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم وزوجته ، فكلّ الدواب أبى ذلك عليه ، حتى كلّم الحية ، فقال لها : أمنعك من ابن آدم ، فأنت في ذمتي إن أنت أدخلتِني الجنة . فجعلته بين نابين من أنيابها ، ثم دخلت به ، فكلمهما من فيها .
وقيل : إن الْحَيَّةَ كَانَتْ خَادِمَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَنَّةِ ، فَخَانَتْهُ بِأَنْ مَكَّنَتْ عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ نَفْسِهَا ، وَأَظْهَرَتِ الْعَدَاوَةَ لَهُ هُنَاكَ ، فَلَمَّا أُهْبِطُوا تَأَكَّدَتِ الْعَدَاوَةُ ، وَجُعِلَ رِزْقُهَا التُّرَابَ ، وَقِيلَ لَهَا : أَنْتِ عَدُوُّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ أَعْدَاؤُكِ ، وَحَيْثُ لَقِيَكِ مِنْهُمْ أَحَدٌ شَدَخَ رَأْسَكِ .
انظر : " تفسير عبد الرزاق " (2/75) ، " تفسير الطبري " (1/526) ، (1/530) ، " تفسير ابن عطية " (1/128) ، " تفسير ابن كثير " (1/236) ، " تفسير القرطبي " (1/313) .
وهذا كله من الإسرائيليات التي لم يثبت منها شيء عن المعصوم .
قال ابن كثير رحمه الله :
" ذكر المفسرون من السلف كالسدي بأسانيده ، وأبي العالية ، ووهب بن منبه وغيرهم ،
هاهنا أخبارا إسرائيلية عن قصة الحية ، وإبليس ، وكيف جرى من دخول إبليس إلى الجنة
ووسوسته " انتهى من " تفسير ابن كثير " (1/236) .
وقال المطهر بن طاهر المقدسي رحمه الله :
" زعم القصاص وأهل الكتاب مراجعات كثيرة وعجائب في هذه القصة ، وأن إبليس عرض نفسه
على دواب الأرض كلها فأبت ذلك ، حتى كلم الحية وقال : أمنعك من ابن آدم وأنت في
ذمتي إن أدخلتني الجنة ، فجعلته في فمها أو بين نابيها ، وكانت الحية من أحسن
الدواب وخزان الجنة ، فكلّمهما من فيها ... وفيما قص الله تعالى في القرآن كفاية عن
زيادة رواية غيره " انتهى مختصرا من " البدء والتاريخ " (2/95-96) .
انظر جواب السؤال رقم : (1295) .
ومثل هذه الإسرائيليات لا يوثق بها ، ولا يعول عليها ، ولا يحتج بها ، ونكتفي بما ورد في الكتاب المجيد لا نزيد عليه ، قال تعالى : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ) طه/120 .
ولا نعلم شيئا من ذلك يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، وإنما هو شيء يروى عن وهب بن منبه وأبي العالية ومحمد بن قيس والسدي وغيرهم ممن أخذ ذلك عن أهل الكتاب .
وأما ما رواه الطبري في " تفسيره " (1/530) :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن ليث بن أبي سُليم ، عن طاوس
اليماني ، عن ابن عباس ، قال : " إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض
أيُّها يحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم وزوجته ، فكلّ الدواب أبى ذلك عليه ،
حتى كلّم الحية ... " الحديث ، وفيه : قال ابن عباس : " اقتلوها حيث وَجَدتُموها ،
أخفروا ذمَّةَ عدوّ الله فيها " .
فهذا إسناد ضعيف جدا ، ليث بن أبي سليم ، قال الحافظ في التقريب (ص 464) : " صدوق
اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك " .
وابن حميد ، هو محمد بن حميد الرازي ، كذبه أبو زرعة وإسحاق الكوسج ، وجاء عن غير
واحد أنه كان يسرق الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة .
انظر : " ميزان الاعتدال " (3/530) .
وروى ابن أبي حاتم في " تفسيره " (5/1450) عَنِ السُّدِّيِّ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " فَآتَاهُمَا إِبْلِيسُ فَقَالَ : ( مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ) ، فَلَمْ يُصَدِّقَاهُ حَتَّى دَخَلَ فِي جَوْفِ الْحَيَّةِ فَكَلَّمَهُمَا " وهذا إسناد ضعيف ، لجهالة الراوي عن ابن عباس .
والخلاصة :
أن مثل هذا مما لا يعول عليه ، لأنه متلقى عن الإسرائيليات ، وأحاديث أهل الكتاب ،
وما يروى فيه عن ابن عباس لا يصح عنه .
وانظر جواب السؤال رقم : () لمعرفة الموقف من الإسرائيليات .
وانظر جواب السؤال رقم : () لمعرفة أفضل الكتب عن قصص الأنبياء .
والله أعلم .