الإجابة
الحمد لله
قص علينا سبحانه وتعالى قصة فرعون مع
نبي الله موسى ، وكيف أنجاه من بطش فرعون وجنوده ، إذ شق الله البحر لموسى عليه
السلام ليعبره مع قومه ، فقال : ( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ
بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ، فَانفَلَقَ ، فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
)الشعراء/63.
ولم يبين لنا سبحانه وتعالى كيفية انشقاق البحر ، هل كان إلى طودين عظيمين بينهما
طريق واحد ، أم إلى أكثر من طريق ، ولفظ الآية يحتمل الأمرين .
والذي ذكره أكثر المفسرين أن البحر انشق إلى اثني عشر طريقاً ، على عدد أسباط بني
إسرائيل .
وقد صح هذا القول عن حبر الأمة عبد الله بن عباس .
فروى الطبري في " تفسيره" (1/658) بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال : " ... فَضَرَبَ
مُوسَى الْبَحْرَ بِعَصَاهُ ، فَانْفَلَقَ ، فَكَانَ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ طَرِيقًا
، كُلُّ طَرِيقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ، فَكَانَ لِكُلِّ سِبْطٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ
يَأْخُذُونَ فِيهِ ...". انتهى .
وهو اختيار شيخ المفسرين أبو جعفر الطبري ، حيث قال في تفسير قوله تعالى : ( وَإِذْ
فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ، فَأَنْجَيْنَاكُمْ ، وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ
وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ).
قال : " وَمَعْنَى قَوْلِهِ : ( فَرَقْنَا بِكُمُ ) فَصَلْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ،
لِأَنَّهُمْ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا ، فَفَرَقَ الْبَحْرَ اثْنَيْ عَشَرَ
طَرِيقًا ، فَسَلَكَ كُلُّ سِبْطٍ مِنْهُمْ طَرِيقًا مِنْهَا ، فَذَلِكَ فَرْقُ
اللَّهِ بِهِمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْبَحْرَ ، وَفَصْلُهُ بِهِمْ بِتَفْرِيقِهِمْ فِي
طَرِيقِ الِاثْنَيْ عَشَرَ ". انتهى من " تفسير الطبري " (1/654) .
ولم نقف على قولٍ لأحد من أهل التفسير يذكر فيه أن البحر انشق إلى سبعة طرق .
ولا بد من التنبيه إلى أن منهج القرآن
في عرض القصص : الاهتمام بالمقاصد ومواطن العبر والعظات منها ، وإهمال الجزئيات
التي لا تفيد ، أو لا يترتب عليها عمل .
والله أعلم .