الإجابة
الحمد لله
أولاً:
قد أحسنت غاية الإحسان في اهتمامك بأولادك وبسعيك لانتقاء مواد التدريس لتكون
متوافقة مع منهج أهل السنَّة ، وهذا من النصح الذي أمرك الله تعالى تجاه من ولاَّك
مسئوليتهم .
ثانياً:
الزمخشري صاحب تفسير " الكشّاف " نسبة إلى " زَمَخْشَر " وهي قرية كبيرة من قرى "
خوارزم " ، واسمه محمود ، وكنيته أبو القاسم ، توفي عام 538 هـ ، وهو من دعاة
الاعتزال الكبار ، والمعتزلة فرقة مبتدعة من أبرز عقائدها : القول بخلق القرآن ،
وبنفي رؤية الله تعالى يوم القيامة ، والقول بتعطيل الصفات ، والقول بتخليد مرتكب
الكبيرة في النار في الآخرة إذا لقي الله تعالى ولم يتب منها أو لم يقم عليه الحد
في الدنيا ، وغير ذلك من أقوال الضلال .
قال الذهبي رحمه الله : " الزمخشري ، العلامة ، كبير المعتزلة ، أبو القاسم محمود
بن عمر بن محمد الزمخشري الخوارزمي النحوي ، صاحب " الكشاف " و " المفصل " – في
النحو - .
... .
وكان داعية إلى الاعتزال ، الله يسامحه " انتهى مختصراً من "سير أعلام النبلاء"
(20/151 – 156) .
ثالثاً :
كتاب الزمخشري " الكشاف " هو في تفسير القرآن ، ولأهل السنَّة عليه ملاحظات كثيرة ،
أبرزها :
1. نشر عقائد المعتزلة من خلال التعسف في فهم الآيات القرآنية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأما " الزمخشري " فتفسيره محشو بالبدعة
وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات والرؤية والقول بخلق القرآن ، وأنكر أن الله
مريد للكائنات وخالق لأفعال العباد ، وغير ذلك من أصول المعتزلة ... وهذه الأصول
حشا بها كتابه بعبارة لا يهتدي أكثر الناس إليها ولا لمقاصده فيها ، مع ما فيه من
الأحاديث الموضوعة ، ومن قلة النقل عن الصحابة والتابعين " انتهى من "مجموع
الفتاوى" (13 /386 ، 387) .
وقال الذهبي رحمه الله – في ترجمة الزمخشري - : " صالح ، لكنه داعية إلى الاعتزال
أجارنا الله , فكن حذراً من " كشَّافه " انتهى من "ميزان الاعتدال" (4/78) .
2. إنكار قراءات صحيحة مشهورة .
قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله : " وهذا على عادته في تغليط القراء وتوهيمهم "
انتهى من "تفسير البحر المحيط" (2 /225) .
3. التعرض لمقام النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء .
فعند قوله تعالى ( عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) التوبة/ 43 : قال الزمخشري :
( عَفَا اللَّهُ عَنكَ ) كناية عن الجناية ؛ لأن العفو رادف لها ، ومعناه : أخطأت
وبئس ما فعلت ! .
" تفسير الكشاف " (2 /261) .
قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله : " وكلام الزمخشري في تفسير قوله ( عفا الله عنك
لم أذنت لهم ) مما يجب اطراحه ، فضلاً عن أن يذكر فيردّ عليه " انتهى من "تفسير
البحر المحيط" (5 /49) .
وقال الشيخ العلامة تاج الدين السبكي رحمه الله : " واعلم أن الكشاف كتاب عظيم في
بابه ، ومصنفه إمام في فنه ، إلا أنه رجل مبتدع متجاهر ببدعته ، يضع من قدر النبوة
كثيرا ، ويسيء أدبه على أهل السنة والجماعة ، والواجب كشط ما فيه من ذلك كله .
ولقد كان الشيخ الإمام [ يعني : والده الإمام تقي الدين السبكي ] يقرئه ، فلما
انتهى إلى الكلام على قوله تعالى في سورة التكوير : ( إنه لقول رسول كريم ) الآية
أعرض عنه صفحا ، وكتب ورقة حسنة سماها : سبب الانكفاف عن إقراء الكشاف ، وقال فيها
: قد رأيت كلامه على قوله تعالى : ( عفا الله عنك ) ، وكلامه في سورة التحريم في
الزلة ، وغير ذلك من الأماكن التي أساء أدبه فيها على خير خلق الله سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فأعرضت عن إقراء كتابه حياء من النبي صلى الله عليه وسلم ، مع
ما في كتابه من الفوائد والنكت البديعة .
فانظر كلام الشيخ الإمام الذي برز في جميع العلوم... في حق الكتاب الذي اتخذت
الأعاجم قراءته ديدنها .
والقول عندنا فيه : أنه لا يسمح بالنظر فيه إلا لمن صار على منهاج السنة ، لا
تزحزحه شبهات القدرية" انتهى من "معيد النعم ومبيد النقم" (80-81) .
وقال الشيخ محمود شكري الألوسي رحمه الله : " وكم لهذه
السقطة في " الكشاف " من نظائر ، ولذلك امتنع من إقرائه بعض الأكابر ، كالإمام
السبكي " انتهى من "تفسير الآلوسي" (10 /109) .
4. كثرة الأحاديث الموضوعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وكالزمخشري وغيرهم من المفسرين الذين
يذكرون من الأحاديث ما يعلم أهل الحديث أنه موضوع " انتهى من "منهاج السنة النبوية"
(7 /91) .
وقال رحمه الله – أيضاً - : " ومثل هذا لا يرويه إلا أحد الرجلين : رجل لا يميِّز
بين الصحيح والضعيف والغث والسمين ، وهم جمهور مصنفي السيَر والأخبار وقصص الأنبياء
كالثعالبي والواحدي والمهدوي والزمخشري ... وأمثالهم من المصنِّفين في التفسير ،
فهؤلاء لا يعرفون الصحيح من السقيم ولا لهم خبرة بالمروي المنقول ولا لهم خبرة
بالرواة النقله بل يجمعون فيما يروون بين الصحيح والضعيف ولا يميزون بينهما " انتهى
من "الرد على البكري" (1 /73) .
رابعاً :
فالذي ننصح به ترك دراسة كتاب " الكشَّاف " للزمخشري ؛ لما سبق بيانه من الانتقادات
عليه ، سواء في مركز " البيِّنة " أو غيره ، وإن كان المركز موثوقاً فيه فثمة بدائل
تغني عن ذلك الكتاب وغيره من كتب البدعة والضلالة ، كتفسير ابن كثير وتفسير الشيخ
السعدي ، فليعتنِ بتدريسها .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " ما هي كتب التفسير التي تنصحونني
بقراءتها وخصوصاً لطلبة العلم ؟ مأجورين .
فأجاب :
كتب التفسير - الحقيقة - تختلف مشاربها ، فـ " تفسير ابن كثير " من أحسن التفاسير
لكنه رحمه الله لا يعتني كثيراً باللغة العربية يعني : بالبلاغة وأوجه الإعراب وما
أشبه ذلك ، و " تفسير ابن جرير " وهو أصل تفسير ابن كثير أيضاً مطول ، وفي الآثار
الواردة فيه ما هو غث وسمين ، فيحتاج إلى طالب علم يكون له معرفة بالرجال والأسانيد
، وهناك كتب تفسير جيدة لكن منهجها في العقيدة غير سليم كـ " تفسير الزمخشري " فهو
جيد من حيث البلاغة واللغة لكنه ليس بسليم من حيث العقيدة ، وفيه كلمات تمر
بالإنسان لا يعرف مغزاها ، لكنها إذا وقرت في قلبه فربما يتبين له مغزاها فيما بعد
، ويكون قد استسلم لها فيضل ، ولذلك أرى أن طالب العلم يأخذ " تفسير ابن كثير " ما
دام في أول الطلب أو " تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي " رحمه الله أو " تفسير أبي
بكر الجزائري " ، وهذا ما اطلعتُ عليه وقد يكون فيه تفاسير أخرى مثلها أو أحسن منها
، لكن هذا ما اطلعتُ عليه ، ثم إذا وفقه الله إلى علمٍ واسع وملَكةٍ قوية يدرك بها
ما لا يدركه في أيام الطلب : فليراجع كل ما تيسر من التفاسير " انتهى من "نور على
الدرب" (شريط : 269) .
وأما بخصوص الجامعات الموثوقة : فاحرص على مراسلة " الجامعة الإسلامية " في المدينة
، أو " جامعة أم القرى " في مكة ، أو " جامعة الإمام محمد بن سعود " في الرياض ، أو
" جامعة القصيم " في القصيم ، وفي كلٍّ خير إن شاء الله .
والله أعلم