الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن آيات القرآن نزلت منجمة خلال فترة النبوة، حسب المناسبات والأحداث، ومراحل التشريع، ورتبت الآيات في السور لا بحسب نزولها، وإنما بحسب ما كان يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم كتّاب الوحي أن يضعوا الآية، أو الآيات أو السورة عند نزولها في الموضع الذي يحدده لها.
فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم، وغيرهم عن ابن عباس قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى سورة الأنفال وهي من المثاني، وإلى سورة براءة، وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم، فوضعتموها في السبع الطوال، فما حملكم على ذلك؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا أنزل عليه الشيء، دعا بعض من يكتب له، فيقول: ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وإذا أنزلت عليه الآيات قال: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وإذا أنزلت عليه الآية قال: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت سورة الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت سورة براءة من أواخر ما أنزل من القرآن، قال: فكانت قصتها شبيهاً بقصتها، فظننا أنها منها، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتها في السبع الطوال.
وغير ذلك من الأحاديث التي تبين أن ترتيب الآيات في السور كان توقيفياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا خلاف بين العلماء في ذلك.
قال السيوطي في الإتقان: الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك. انتهى.
والله أعلم.