الفتاوى

توضيح حول اختيار عثمان للغة قريش عند الاختلاف في كتابة المصحف
لماذا اختار عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ لغة قريش من بين الحروف السبعة التي أنزلت عند جمع الصحف في مصحف واحد؟.

الإجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن عثمان ـ رضي الله عنه ـ لم يختر لغة قريش وحدها لكتابة المصحف دون غيرها من لغات العرب الأخرى وإنما جعلها مرجعا وأساسا عند الاختلاف في الخط، وذلك لأنه نزل فيهم ومعظمه بلغتهم، فهي أولى من غيرها من اللغات بالرجوع إليها عند الاختلاف، قال القرطبي في التفسير: قال القاضي ابن الطيب: معنى قول عثمان فإنه نزل بلغة قريش يريد معظمه وأكثره، لأن القرآن فيه عدة لغات سوى لغة قريش، وإن كان معظمه وأكثره نزل بلغتهم، وقال ابن عبد البر: قول من قال إن القرآن نزل بلغة قريش معناه عندي في الأغلب.

ولذلك، فإن اللجنة المكلفة من طرف عثمان بكتابة المصحف الشريف كتبته على وجوه تحتمل لغة قريش كما تحتمل غيرها من اللغات ووجوه القراءات الثابتة في العرضة الأخيرة، وقد جردوه من النقط والشكل، لتلفظ الكلمة بالحروف المحتملة لها مما ثبتت به القراءة في العرضة الأخيرة من اللغات الأخرى، ولم نعلم أنهم اختلفوا في غير كلمة: التابوت ـ فقد روى الترمذي والبيهقي عن أنس قال: فاختلفوا هم وزيد بن ثابت في التابوت، فقال الرهط القرشيون: التابوت بالتاء، وقال زيد: التابوه بالهاء، فرفعوا اختلافهم إلى عثمان ـ رضي الله عنه ـ فقال اكتبوه التابوت بالتاء، فإنه بلسان قريش.

فاختيار عثمان ـ رضي الله عنه ـ للغة قريش إنما كان عند اختلاف في الكتابة وهو اختيار معقول ومقبول وله ما يبرره، فلابد من وجود مرجعية تحسم الخلاف عند وجوده.

والله أعلم.

Icon