الفتاوى

أرجو تفسير آية الكرسي ؟
أرجو تفسير آية الكرسي ؟

الإجابة

آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله بنص الرسول عليه الصلاة والسلام وهي قوله عز وجل: اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ هذه آية الكرسي وهي آية طويلة وهي أعظم آية في كتاب الله وقد اشتملت على معان عظيمة من جهة توحيد الله وإثبات أسمائه وصفاته وعموم علمه وقدرته جل وعلا ، فقوله سبحانه: اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ هذه معنى كلمة التوحيد ، لا إله إلا الله فإن معناها: الله لا إله إلا هو، أي لا معبود حق إلا هو، لا معبود حق سواه، والإله المعبود، التّأله التعبد، فمعنى لا إله أي لا مألوه، والمألوه المعبود أي لا معبود حق إلا الله، وهو الحي القيوم سبحانه وتعالى، الحي الذي لا يموت ولا يعتريه السِنة وهو النعاس، ولا نوم وهو ما فوق النعاس؛ لكمال حياته فلا نوم ولا موت ولا نعاس ولا غفلة بل هو في غاية من العلم والقدرة والبصيرة بأحوال العباد سبحانه وتعالى اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ فهو حي حياة كاملة، لا يعتريها نقص ولا ضعف ولا غفلة ولا نوم ولا نعاس ولا موت ولا غير ذلك من الآفات وهو القيوم ، القائم على أمر عباده والمقيم لهم سبحانه وهو المقيم لمخلوقاته والحافظ لمخلوقاته، فلا قوام للعباد ولا للمخلوقات إلا به سبحانه وتعالى، فهو الذي أقام السموات وأقام الأرض وأقام كل شيء، كما قال سبحانه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ فهو المقيم للخلائق، والحافظ والموجد لها والمعدم لها فهو على كل شيء قدير، سبحانه وتعالى، ولهذا قال بعده: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ يعني لا تصيبه ولا تعتريه سِنة وهي النعاس وهو النوم الخفيف وَلا نَوْمٌ وهو النوم الثقيل، فلا يعتريه غفلة ولا نعاس ولا نوم ولا موت بل حياته كاملة سبحانه وتعالى ثم قال سبحانه: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يعني هو المالك لكل شيء، هو المالك للسماء وما فيها والأرض وما فيها، كما قال جل وعلا في آخر سورة المائدة: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقال في آية أخرى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فهو سبحانه المالك للسماوات والمالك للأرض والمالك لما فيهما والمالك لكل شيء، جل وعلا ثم قال سبحانه: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ أي لا أحد يستطيع أن يشفع إلا بإذنه سبحانه يعني يوم القيامة لا يتقدم أحد يشفع حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا بإذنه، حتى يأذن له وما ذاك إلا لعظم مقامه وجبروته وكونه سبحانه المستحق أن يعظم عز وجل، وألاّ يتقدم بين يديه إلا بإذنه سبحانه وتعالى، فإذا اشتد الكرب يوم القيامة بالناس، فزع المؤمنون إلى أبيهم آدم ليشفع لهم إلى الله حتى يقضي بينهم فيعتذر آدم ، ثم يحيلهم على نوح فيأتون نوحاً فيعتذر عليه الصلاة والسلام فيقول: اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيعتذر ويقول اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى فيعتذر كل واحد، يقول نفسي نفسي، فيقول لهم موسى اذهبوا إلى عيسى فيأتون عيسى ، فيقول: نفسي نفسي، اذهبوا إلى محمد عليه الصلاة والسلام ، فيأتون محمداً عليه الصلاة والسلام فيقول: أنا لها عليه الصلاة والسلام ثم يتقدم فيسجد بين يدي ربه ويحمده بمحامد عظيمة، ويثني عليه سبحانه بمحامد، يفتحها عليه ثم يقال له: يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط واشفع تشفع، فلذلك يشفع عليه الصلاة والسلام في الناس أن يقضي الله بينهم فيقضي الله بين عباده بشفاعته، ثم بعد القضاء يصير أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ويوقف أهل الجنة لا يدخلونها حتى يشفع فيهم عليه الصلاة والسلام فيشفع في أهل الجنة حتى تفتح أبوابها بشفاعته عليه الصلاة والسلام ، أما في الدنيا فكل إنسان يدعو ربه، مأمور بالدعاء كما قال تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ كل يدعو ربه ويسأل ربه أن يغفر له ليدخله الجنة وينجيه من النار ويطلب من إخوانه أن يدعوا له، أن الله يغفر له، لا بأس بهذا لكن يوم القيامة لا أحد يتقدم إلا بإذنه سبحانه وتعالى: الأنبياء وغيرهم، لا أحد يشفع إلا بإذنه سبحانه وتعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ وقال تعالى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى وقال تعالى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى فالشفاعة لا تكون إلا لمن رضي الله قوله وعمله ، وهم أهل التوحيد والإيمان، هم الذين يشفع الله فيهم الأنبياء، أما أهل الشرك فلا شفاعة لهم كما قال تعالى: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ وقال تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ الظالمون يعني: المشركين، والظلم إذا أُطلق فهو الشرك إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ فمعنى قوله تعالى فَمَا لِلظَّالِمِينَ ، يعني ما للمشركين من حميم ولا شفيع يطاع، فالمشرك لا تنفعه الشفاعة ولا يشفع فيه الرسول ولا المؤمنون، بل ليس له إلا النار يوم القيامة –نعوذ بالله من ذلك- وإنما الشفاعة لأهل التوحيد والإيمان، والعصاة الموحدين، أمَّا الشفاعة لأهل الموقف، فهي عامة لأهل الموقف كلهم، من الكفار وغيرهم في أن يقضى بينهم، هذه شفاعة عامة في القضاء بين الناس، يشفع فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فيقضي الله بينهم سبحانه بحكمه العدل جل وعلا كما تقدم ثم قال سبحانه: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ يعني هو العالم بأحوال عباده، لا يخفى عليه خافية جل وعلا ، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ما مضى وما يأتي ويعلم أحوال عباده الماضين والآخرين، ويعلم كل شيء سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وقال تعالى: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ فهم لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما أطلعهم عليه سبحانه وتعالى، أما هو فهو العالم بأحوال عباده كلهم: ماضيها ولاحقها، يعلم أحوالهم وما صدر منهم وما ماتوا عليه ومالهم في الآخرة، يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، قال تعالى: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وقال تعالى: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ فهم لا يعلمون ما عنده إلا بتعليمه سبحانه وتعالى بإطلاعه لهم على يد الرسل عليهم الصلاة والسلام ، أو بما يوجد الله لهم في الدنيا من مخلوقات وأرزاق وأشياء يطلعهم عليه سبحانه وتعالى، ثم قال سبحانه: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ الكرسي مخلوق عظيم فوق السماء السابعة ، غير العرش قال ابن عباس رضي الله عنهما هو موضع القدمين، قدمي الرب عز وجل وقال بعض أهل العلم إنه العرش، يعني العرش يسمَّى كرسيّاً، والمشهور الأول أنه مخلوق عظيم فوق السماء السابعة، غير العرش الذي هو عرش الله سبحانه وتعالى، الذي فوقه الله عز وجل، المذكور في قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وفي قوله جل وعلا : إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ في سبعة مواضع من كتاب الله ذكر فيها استواءه على العرش سبحانه وتعالى، وهو مخلوق عظيم قد أحاط بالمخلوقات وهو سقفها قال فيه عز وجل: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ يعني يوم القيامة: وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا يعني لا يكرثه ولا يثقله ولا يشق عليه، حفظ المخلوقات سبحانه وتعالى، هو الحافظ للسماوات والحافظ للأرض وما فيهما ولا يشق عليه ذلك ولا يكرثه ولا يثقله سبحانه وتعالى؛ لأنه قادر على كل شيء ولهذا قال سبحانه: وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا يعني لا يكرثه ولا يثقله ولا يشق عليه، بل هو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ له العلو المطلق، علو الذات فوق العرش، وعلو القهر والسلطان وعلو الشرف والقدر سبحانه وتعالى، فله العلو الكامل سبحانه وتعالى، وهو العلي فوق جميع خلقه سبحانه فوق العرش ، وهو العالي من جهة كمال أسمائه وصفاته وسلطانه وقدرته جل وعلا وله الشرف والفضل، فهو أفضل شيء وأشرفه سبحانه وتعالى، فله العلو والقهر والسلطان وعلو الشرف والقدر وعلو المكان سبحانه فوق العرش قال تعالى: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ قال تعالى: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ فهو العلي فوق جميع خلقه، القادر على كل شيء، العظيم، السلطان المتصرف في عباده كيف يشاء، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، فله العظمة الكاملة سبحانه وتعالى فلا أعظم ولا أكبر ولا أعلم ولا أقدر منه سبحانه وتعالى، فهذه الآية العظيمة، فيها هذه الصفات العظيمة، ولهذا صارت أفضل آية في كتاب الله، لكونها اشتملت على هذه المعاني العظيمة، والأوصاف العظيمة للرب عز وجل، وأنه الحي القيوم وأنه لا معبود بحق سواه، وأنه كامل الحياة لا تعتريه سِنة ولا نوم، وأنه المالك لكل شيء، وأنه العالم بكل شيء، وأنه لا يؤوده حفظ مخلوقاته ولا يشق عليه ذلك، بل هو قادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وأن كرسيه قد وسع السماوات والأرض، سبحانه وتعالى وأنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، لكمال قدرته وكمال عظمته، وأنه العلي، العلو المطلق، علو الذات، وعلو القهر والسلطان، وعلو الشرف والقدر وهو العظيم الذي لا أعظم منه سبحانه وتعالى، عظيم في ذاته، عظيم في أسمائه وصفاته وأفعاله، قاهر فوق عباده كما قال جل وعلا : وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وهو القائل جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقال سبحانه: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا وبهذا يعلم كل مؤمن وكل مؤمنة عظم شأن هذه الآية وأنها آية عظيمة مشتملة على صفات عظيمة ولهذا صارت بحق أعظم آية في كتاب الله عز وجل بنص المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام ، والله ولي التوفيق .

Icon