الفتاوى

تسأل أختنا أم عبد الله عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ...
تسأل أختنا أم عبد الله عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وهل تنطبق هذه الآية على الذي يخاف، وهو في منزله ؟

الإجابة

هذه الآية نزلت في قصة المسلمين يوم أحد ، لما كان الشيطان يخوف المسلمين من رجوع الكفار إليهم وقتالهم، قال الله جل وعلا : إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ المعنى يخوفكم بأوليائه يعني يعظمهم في صدوركم، ويجعلهم عظماء في صدور المسلمين، حتى يخافوهم وحتى يحذروهم فلا يجاهدوا، فبين سبحانه وتعالى أن هذا غلط، وأنه من الشيطان ونهاهم عن خوفهم منهم، فقال: فَلا تَخَافُوهُمْ يعني لا تخافوا أعداء الله، الخوف الذي يجعلكم تجبنون عن قتالهم، أما الخوف الذي يوجب الإعداد لجهادهم، والأهبة والحذر ، هذا مطلوب، قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ والذي لا يخاف عدوه لا يعدُّ له العدة فالواجب يُعدُّ العدة لعدوه، من السلاح والزاد والقوة في الجهاد، وجمع الصفوف والتشجيع على القتال، والإقدام ونحو ذلك، لكن لا يخافهم خوفاً يجعله يجبن منهم ويتأخر عن قتالهم، هذا هو المنهي عنه، فإن الشيطان يعظّم الكفار في صدور المسلمين حتى يخافوهم وحتى يجبنوا عن قتالهم، فهذا هو المعنى في قوله فَلا تَخَافُوهُمْ : يعني لا تخافوهم الخوف الذي يمنعكم من قتالهم وجهادهم أو يجعلكم تجبنون عن قتالهم، هذا هو المنهي عنه، أما الخوف الذي يوجب الإعداد لهم وأخذ الحذر فهذا مطلوب، على المسلم أن يخاف شرَّهم وأن يحذر مكائدهم، فَيُعِدُّ العدة، عليه أن يعد العدة اللازمة من السلاح ومن الحرس ونشر العيون التي تعرف أحوالهم حتى لا يهجموا على المسلمين، ولهذا قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ وقال سبحانه: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً فدل ذلك على أنهم مأمورون بأن يأخذوا حذرهم وأن يخافوا شر عدوهم ويخافوا مكائدهم فيكونون على حذر وعلى أهبة وعلى استعداد حتى لا يهجم عليهم العدو على غفلة وعلى غرة، فالمقصود أن الخوف المنهي عنه غير الخوف المأمور به، الخوف المنهي عنه هو الذي يدعو إلى الجبن والتأخر وتعظيم الكفار ونشر الذُّعْر بين الناس هذا منكر، أما الخوف الذي معناه الإعداد لهم والجد في حفظ أماكن المسلمين وثغورهم حتى لا يهجم عليهم العدو فهذا هو المطلوب .

Icon