الإجابة
معناها أن الرجل يشرع له نكاح اليتيمة التي عنده، إذا كانت مناسبة له ويعطيها مهرها الواجب، وينكحها بالوجه الشرعي، كبنت عمه ويتيمة عنده أو بنت خاله ويتيمة، يشرع له أن يتزوجها إذا رغبت هي، إذا وافقت على ذلك، وعليه أن يعطيها المهر المعتاد، وألاّ يظلمها، فإن خاف ألاّ يقوم بالواجب، وأن يقسط في حقها لأنها تحت يده، فليزوجها غيره، وليتزوج من سواها حتى لا يظلمها، إما أن يعطيها حقها كاملاً إذا رضيت به، وإما أن يزوجها غيره ولا يتساهل، يقول: هذه يتيمتي ويكفيها نصف المهر، لا، هذا ما يصلح، قد تستحي ولا تطلب، لكن ينصفها ويعطيها حقها كاملاً، وإلا فليزوجها غيره، فإذا لم يتزوجها يلتمس لها الكفء الذي ترضى به، وله السعة إن شاء تزوج ثنتين إذا تزوج عليها وإن شاء تزوج أربعاً، وهذه الآية تدل على أن نكاح الثنتين والثلاث والأربع أفضل ؛ لأنه قال: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ما قال فانكحوا واحدة، قال فانكحوا ما طاب لكم من النساء، مثنى وثلاث ورباع، فدل على أنه يختار، يتأمل وله أن يتزوج ثنتين أو يتزوج ثلاثاً، أو يتزوج أربعاً؛ لأن في ذلك إعفافاً له. وإعفافاً لهن أيضاً، وفي ذلك أيضاً طلب الولد فإن وجود زوجتين أو ثلاث أو أربع في الغالب يكون أكثر للأولاد، وأكثر للأمة، مع إعفافه نفسه، ومع إعفافه هؤلاء النسوة، ثنتين أو ثلاث أو أربع، فيه مصالح كثيرة، تزوّج الاثنتين أو الثلاث أو الأربع فيه مصالح كثيرة فلا ينبغي للمرأة العاقلة ولا ينبغي للمؤمنة أن تأبى ذلك ولا أن تكره ذلك والحمد لله، إذا عدل بينهن وأدَّى الواجب فالحمد لله، أما إذا جار وظلم فلها الحق أن تأباه، وأن تطلب العدل، ولهذا قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً إذا خاف ألاّ يقوم بالواجب، يكتفي بواحدة والحمد لله، أما إذا كان عنده قدرة في بدنه وفي ماله، يستطيع أن يقوم بالثنتين أو بالثلاث أو بالأربع، فالسنة له أن يعدد وأن يصبر، وأن يقوم بالواجب كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه عدّد عليه الصلاة والسلام ، تزوّج في المدينة تسعاً، جمع بين تسع، لأنه في مكة أخذ خديجة وحدها ثم تزوج بعدها سودة وعائشة ثم في المدينة تزوج بقية نسائه، حتى صرن تسعاً، والله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، لكن الأمة تقتصر على أربع، فالرسول صلى الله عليه وسلم قصر الأمة على أربع ، وأمر من كانت عنده خامسة أو أكثر أن يفارق الزائدة لما أسلموا، أمرهم أن يمسكوا أربعاً، وأن يفارقوا ما زاد عن أربع، فاستقرت الشريعة على أن الرجل من الأمة، له أن يجمع أربعاً فأقل، أما التسع فهذا خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام وليس للأمة بل هذا من خاصيته عليه الصلاة والسلام ، وإذا خاف الرجل ألا يعدل اكتفى بواحدة وإذا تزوج ثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً، فالواجب عليه العدل في القسمة والنفقة ، وما يستطيع من العشرة الطيبة، والكلام الطيب، وحسن المعاملة وطيب الكلام ، وأن يعدل في ذلك، أما المحبة فهذا إلى الله ليس في قدرته أن تكون المحبة سواء، هكذا الجماع ليس بقدرته ذلك، فإن الجماع يتبع المحبة، ويتبع الشهوة، فليس بقدرته العدل مهما أمكن ويعفو الله عما عجز عنه، وفي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه ويعدل، ويقول: اللَّهُمَّ هَذِا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ، وَلا أَمْلِكُ فالمؤمن يقسم ويعدل حسب الطاقة، يسوِّي بينهن في قسمته، بوجهه وكلامه ونفقته، ويصغي لهن وفي معاشرتهن الطيبة، أما المحبة فهي بيد الله ليس بيده هو، فقد تكون هذه أحب من هذه، ولكن لا يحمله على الجور وهكذا وقد يشتهي هذه بالجماع أكثر فلا يضره هذا، لأن هذا ليس باختياره وليس بقدرته، بل هذا يتبع المحبة والشهوة، إنما الواجب العدل في القسمة ، هذه ليلة وهذه ليلة، هذه لها يوم وهذه لها يوم، ينفق على هذه ما يليق بها، وهذه ما يليق بها، وأولاده كل على حسب حاله، هذه عندها ولدان، هذه عندها ثلاثة، أو عندها أربعة، هذه ثوبها طويل لأنها طويلة وهذه قصيرة، كل واحدة لها كفايتها وأولادها.