الفتاوى

الأخ/ ص.ح.ج. من الجمهورية العربية السورية ، يسأل عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ...
الأخ/ ص.ح.ج. من الجمهورية العربية السورية ، يسأل عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وهل معنى هذه الآية أن نترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

الإجابة

الآية الكريمة تدل على أن الواجب على الإنسان أن يعتني بنفسه وأن يهتم بها وأن يجتهد في إصلاحها، ولا يَضُرُّهُ من ضَلَّ بعد ذلك إذا اهتدى، الإنسان مسؤول عن نفسه ولا يَضُرُّهُ ضلال غيره، يقول الله جل وعلا: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وفي الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لاَ يَجْنِي جَانٍ إِلاَّ عَلَى نَفْسِهِ، لاَ يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَ لا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ فعلى المؤمن أن يسعى في إصلاح نفسه، واستقامتها على طاعة الله ورسوله ولا يضرُّه من ضَلَّ إذا اهتدى ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما اهتدى فهو ناقص الهداية، ناقص الإيمان، فالمعنى أنه لا يضرُّه من ضلَّ إذا أدّى الواجب الذي عليه، ومن الواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، هذا من الواجب عليه وقد خطب الصدّيق رضي الله عنه، وقف على الناس وقال لهم: إن بعض الناس يقرأ هذه الآية ويضعونها في غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغيِّرُوهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ ومراده رضي الله عنه أنه ما يكون مهتدياً من ضيع الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، يكون ناقص الهداية، ناقص الإيمان، ضعيف الإيمان، ومعنى إذا اهتديتم يعني إذا أدّيتم الواجب الذي عليكم وتركتم ما حرم الله عليكم، لا يضرّكم من ضلّ بعد ذلك، لا يضرّك ضلال أبيك، ولا أخيك ولا أهل بلدك، ولا الناس كلهم، لا يضرّك، إذا أديت الواجب واجتهدت بالواجب، فإنّه لا يضرك من ضل، وربّك يقول سبحانه: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى لكن إن قصّرت في الواجب عليك يضرّك، فإذا كنت لا تدعو إلى الله ولا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر، ولا تؤدِّي ما أوجب الله عليك لحقّ أولادك أو لحق زوجتك أو لحق جيرانك، أنت ناقص الهداية، حينئذ يضرّك ذلك، حتى تؤدِيَ الواجب الذي عليك لله ولعباده ومن حق الله عليك أن تؤدي ما أوجب الله عليك من الطاعات وأن ترك ما حرم الله عليك، ومن حقّ الله عليك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأن تنصح لله ولعباده وأن تدعو إلى الله، على حسب طاقتك ومن حقه عليك أيضاً أن تؤدِّي حقّ زوجتك وأولادك بنصيحتهم وتوجيههم إلى الخير، وتربيتهم التربية الإسلامية، وأن تقوم بحق جيرانك من إكرامهم والإحسان إليهم، وإبعاد الأذى عنهم وإكرام ضيفك، إلى غير هذا من الحقوق، فالذي لا يؤدي الحقوق التي عليه ما يسمى مهتدياً، يسمى ناقص الهداية، ضعيف الإيمان .

Icon