الفتاوى

يسأل الأخ ويقول: أرجو تفسير قوله تعالى: قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37)...
يسأل الأخ ويقول: أرجو تفسير قوله تعالى: قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ماذا يقصد الشيطان بالتزيين والغواية وما هي؟

الإجابة

مقصود الشيطان بذلك أنه يعمل ما يستطيع لإغواء الناس، وصدهم عن الحق وإخراجهم من الهدى إلى الضلالة، حتى يكونوا معه في الجحيم، قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ فهو يدعونا إلى أن نكون معه في النار لأن الله وعده النار وحكم له بالنار، وأنظره إلى يوم القيامة ابتلاء وامتحاناً حتى يتبين من يطيع الله ورسوله، ممن يطيع الشيطان ويوافقه وهو أيضاً يزيّن لهم الباطل، ويحسن لهم المعاصي ويدعوهم إليها، ويسهلها عليهم، ويقول لهم: افعلوا كذا، الله غفور رحيم، الله تواب كريم، حتى يزيّن لهم الباطل، ويقول: تمتع بالزنى، بالخمر، بأنواع الباطل، كما يزين لهم الشرك إذا استطاع، حتى يدعوهم إلى الكفر بالله والضلال، فعدو الله يغوي الناس ويزين لهم الباطل حتى يكونوا معه في النار؛ لأنه ابتلي بهذا البلاء، لعنه الله وطرده، ووعده بالنار لاستكباره وإبائه من السجود لآدم وعصيانه ربه، فاستحق لعنة الله وغضبه وطرده من رحمته، وأنه توعده بالنار والخلود فيها، قال تعالى: قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ فالعدوّ هو الشيطان، قد وعده الله النار، وحتّم له دخولها، فهو حريص غاية الحرص على إغواء بني آدم، وتزيين الباطل لهم حتى يكونوا معه في النار، وهكذا هو أيضاً: شياطين الجن حريصة أيضاً على إغواء حتى الجنّ، فهم حريصون على إغواء الجن معهم، وعلى إغواء الإنس، كما أن شياطين الإنس كذلك حريصون على إغواء الإنس، حتى يكونوا معهم في السعير، كما قال جل وعلا : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ والله جل وعلا ابتلى هؤلاء وهؤلاء، ابتلى الجن والإنس بالشياطين، المتمرّدين الخارجين عن طاعة الله، من الإنس والجن حتى يَدْعُوا الناسَ إلى الباطل ويزينوا لهم الباطل، فالواجب على المكلفين من الرجال والنساء الحذر من الشياطين، وكل من دعاك إلى عصيان الله متعمداً، فهو شيطان، إمّا إنسي وإما جنّي، فالذي يملي عليك الباطل في قلبك هو من شياطين الجن، والذي يدعوك لها ظاهراً من الإنس، هو من شياطين الإنس، الذي يقول لك: افعل الزنى، اشرب الخمر، اقتل فلاناً بغير حق، أو يدعوك للكفر والضلال، إلى عبادة الأموات والاستغاثة بالأموات، أو إلى عبادة الأصنام، أو الملائكة أو الجن، كل هؤلاء من الشياطين، فليس لك أن تطيعهم، يجب عليك أن تعصيهم، حتى لا تكون معهم في النار، وفي السعير، وإيّاك أن تخدع بهم وتزيينهم للباطل، وتحسينهم للمعاصي، بل يجب أن تطيع الله ورسوله، وأن تستقيم على أمر الله، وأن تبتعد عن محارم الله، وأن تستعين بربك جل وعلا ، تقول اللهم اهدني إلى صراطك المستقيم، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم أعذني من شياطين الإنس والجن، اللهم اكفني شرهم، تستعيذ بالله من شياطين الإنس والجن، تحذرهم وإذا وقع في قلبك شيء فاعرضه على ما قاله الله ورسوله، فإن كان ممّا يوافق قول الله ورسوله فهذا حقّ، اقبله، وإن كان يخالف أمر الله ورسوله فهو من الشيطان، وإن أشكل عليك فاسأل أهل العلم والإيمان، أهل البصيرة من علماء المسلمين، أهل الهدى، اسألهم عما أشكل عليك، هل هذا حق أو باطل، إذا كنت لست بعالم، وإن كنت طالب علم فانظر في الأدلة في كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام ، حتى تعرف الحق من الباطل، وحتى لا تشتبه عليك الأمور، التي يدعو إليها الشياطين من الإنس والجن بما قاله الله ورسوله، والله يقول سبحانه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ويقول سبحانه: وَإِمَّا يَنْـزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَـزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ والنزغات التي من الشيطان هي ما يمليه عليك الشيطان، ويقع في قلبك من دواعي الباطل، فهي من نزغات الشياطين: شياطين الجن، وقد يتمثل الجنّ بالناس ويدعونهم إلى الباطل في صورة الرجال من بني آدم أو في صور النساء، يتمثلون ويدعون إلى الشرك والباطل، فإيّاك أن تطيع مَنْ أَمَرَكَ بالباطل، ولو كان أخاك ولو كان أباك، ولو كان صديقك، لا تطع أحداً في الباطل أبداً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ فمن أمرك بالخير وطاعة الله ورسوله، فهو مشكور، وهذا يطاع في الخير، أمّا من دعاك إلى المعاصي والشرك فلا، وإن كان قريباً، وإن كان صديقاً، وإن كان أميراً، وإن كان أباً وإن كان أمّاً، فليس لك أن تطيع أحداً في معاصي الله عز وجل وإيّاك أن تغترّ بالخداع، وتزيين الباطل، وتلبيس الحق بالباطل من شياطين الإنس والجن، احذرهم حتى لا يجرّوك إلى النار، وحتى لا يقودوك إلى السعير، بسبب الخداع وتزيين الباطل، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

Icon