الإجابة
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في بيان تفسير هذه الجملة المسؤول عنها: يقول: لا تعتاضوا عن الإِيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها، فإنها قليلة فانية، وقال أيضًا: وفي [ سنن أبي داود ] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تعلم علمًا يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلاَّ ليصيب به عرضًا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة يوم القيامة . فأما تعليم العلم بأجرة فإن كان قد تعين عليه فلا يجوز أن يأخذ عليه أجرة، ويجوز أن يتناول من بيت المال ما يقوم به حاله وعياله، فإن لم يحصل له منه شيء وقطعه التعليم عن التكسب فهو كما لو لم يتعين، وإذا لم يتعين عليه فإنه يجوز أن يأخذ عليه أجرة عند مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء، كما في [صحيح البخاري ] عن أبي سعيد في قصة اللديغ: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله"، وقوله صلى الله عليه وسلم في قصة المخطوبة: زوجتكها بما معك من القرآن . فأما حديث عبادة بن الصامت أنه علَّم رجلاً من أهل الصفة شيئًا من القرآن فأهدى له قوسًا، فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أحببت أن تطوق بقوس من نار فاقبله رواه أبو داود ، وروى مثله عن أبي بن كعب مرفوعًا، فإن صح إسناده فتركه محمول عند كثير من العلماء، - منهم أبو عمر بن عبد البر - على أنه لما علمه لله لم يجز بعد هذا أن يعتاض عن ثواب الله بذلك القوس، فأما إذا كان من أول الأمر على التعليم بالأجرة فإنه يصح، كما في حديث اللديغ وحديث سهل في المخطوبة، والله أعلم. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.