الفتاوى

يقول السائل: ما هو تفسير قوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ...
يقول السائل: ما هو تفسير قوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ؟ ج: هذه الآيات الكريمة فسّر أولها النبي عليه الصلاة والسلام ، وهي قوله جل وعلا: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ذكر النبي صلى الله عليه لأبي ذر رضي الله عنه، قال: يا أبا ذر أتدري ما مستقرها؟

الإجابة

فقال أبو ذر : الله ورسوله أعلم: قال: مستقرها تحت العرش، تسجد تحت العرش لربها عز وجل ذاهبة وآيبة، بأمره سبحانه وتعالى، سجوداً الله أعلم بكيفيته، سبحانه وتعالى، هذه المخلوقات كلها تسجد لله، وتسبح له جل وعلا تسبيحاً وسجوداً يعلمه سبحانه، وإن كنا لانعلمه ولا نفقهه، كما قال عز وجل: تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا وقال سبحانه: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الآية، هذا سجود يليق بها، ويعلمه مولاها ويعلم كيفيته سبحانه وتعالى، فهي تجري كما أمرها الله، تطلع من المشرق وتغيب من المغرب، حتى ينتهي هذا العالم، فإذا انتهى هذا العالم كورت، كما قال سبحانه: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فتكور ويذهب نورها، وتطرح هي والقمر في جهنم لأنه ذهبت الحاجة إليهما، بزوال هذه الدنيا، والمقصود أنها تجري لمستقر لها، ذاهبة وآيبة، ومستقرها سجودها تحت العرش ، في سيرها طالعة وغاربة، ذلك تقدير العزيز العليم، هو الذي قدر هذا سبحانه وتعالى، العزيز المنيع الجناب، الغالب لكل شيء، العليم بأحوال خلقه سبحانه وتعالى، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ الله جعل القمر له منازل، كما أن الشمس لها منازل ، في كل ليلة له منزلة، وهي ثمان وعشرون منزلة، يقال لها ثمان وعشرون نوءاً، يعني نجماً ينزلها كل ليلة، والليلة التاسعة والعشرون ليلة الاستسرار، وليلة الثلاثين كذلك، إذا يهل فقد يهل في الثلاثين، ويكون الشهر ناقصاً وقد يستكمل الشهر، فلا يهل إلاَّ في الليلة الحادية والثلاثين، وإذا كان في آخر الشهر ضعف نوره، وصار في آخر الشيء، كالعرجون القديم، والعرجون هو العذق الذي يكون في قنو التمر، ينحني ويكون كالعرجون القديم، يعني منحنياً ضعيف النور، وقد يذهب نوره بالكلية، في آخر الشهر حتى لا يبقى له نور، وإنما يبقى صورة خلقته، هذه من آيات الله سبحانه وتعالى، لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ لمَّا ذكر أن القمر مقدرة منازله، وهكذا الشمس تجري لمستقر لها، ذكر أن الليل والنهار جاريان كما أمر الله، والشمس والقمر جاريان كما أمر الله ، سبحانه وتعالى، فالشمس لا تدرك القمر، والقمر كذلك لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ يعني كلاًّ من هذه المخلوقات لها مقدار بإذن الله سبحانه وتعالى، لا تتجاوزه أبداً ، بل هي في سيرها تسير سيراً متقناً، وهكذا القمر وهكذا الليل والنهار، فالشمس لا تخرج في سلطان القمر، ولا تذهب بنور القمر، والقمر كذلك لا يذهب بنورها، ولا يطلع في سلطانها، كُلٌّ له وقت، وكل له سلطان، فالشمس سلطانها في النهار، والقمر سلطانه بالليل، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، يعني تحيط به وتقضي عليه، وتذهب بنوره ليس لها سلطان في هذا، سلطانها في النهار والقمر كذلك لا يذهب بنورها، هو له سلطانه وهي لها سلطان، كل في فلك يسبح، وكل في فلكه الذي قدره الله له سبحانه وتعالى، وهكذا الليل والنهار، هذا في وقته يأتي بظلامه، والنهار في وقته يأتي بضيائه، لا يسبق هذا هذا، ولا هذا هذا، كل منهما له شيء مقدر، لا يزيد عليه ولا ينقص عنه، إلاَّ بإذن الله، فتارة يزيد الليل وينقص النهار، وتارة بالعكس يتقارضان في مدة أربع وعشرين ساعة، هذا ينقص تارة ويزيد الآخر تارة، ثم يأتي العكس فينقص هذا، ويزيد هذا، ولهذا يقول جل وعلا: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ .

Icon