الفتاوى

لماذا خص الله "الناس والحجارة" بأنهم وقود جهنم ؟
لماذا خص الله سبحانه وتعالى وقود جهنم من الناس والحجارة ؟

الإجابة

الحمد لله  

أولًا :

ذكر الله تعالى أنواعًا من العذاب في النار - أعاذنا الله منها - ، ومن عذابها : أن جعل الناس والحجارة وقودًا لها ، بمنزلة الحطب .

فأما كون الناس وقودًا لها فلأنهم أهلها وسكانها - عياذًا بالله - .

وأما الحجارة  فقد ذكر العلماء في وجه تخصيصها أمورًا منها :

1- أنها نوع من الحجارة التي تساعد على الاشتعال ، زيادة في العذاب .

2- أو أنها الأصنام ، لأن أغلبها كان من الحجارة .

انظر: "تفسير البغوي" (1/ 73)، "زاد المسير" (1/ 45).

قال "ابن كثير" في "التفسير" (1/ 201) : "وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ : أَمَّا الوَقُود، بِفَتْحِ الْوَاوِ، فَهُوَ مَا يُلْقَى فِي النَّارِ لِإِضْرَامِهَا كَالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ، كَمَا قَالَ: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [الْجِنِّ: 15]، وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: 98].

وَالْمُرَادُ بِالْحِجَارَةِ هَاهُنَا: هِيَ حِجَارَةُ الْكِبْرِيتِ الْعَظِيمَةُ السَّوْدَاءُ الصَّلْبَةُ الْمُنْتِنَةُ، وَهِيَ أَشَدُّ الْأَحْجَارِ حَرًّا إِذَا حَمِيَتْ، أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْهَا "، انتهى .

وقال "ابن عاشور" في وجه إلقاء الأصنام في النار : "وحكمة إلقاء حجارة الأصنام في النار، مع أنها لا تظهر فيها حكمة الجزاء: أن ذلك تحقير لها، وزيادة إظهار خطأ عَبَدَتها فيما عبدوا .

وتكرر؛ لحسرتهم على إهانتها ، وحسرتهم أيضا على أن كان ما أعدوه سببا لعزهم وفخرهم، سببا لعذابهم ، وما أعدوه لنجاتهم، سببا لعذابهم "، انتهى من "التحرير والتنوير" (1/ 345).

وقرن الله بين الناس والحجارة لأنهم نحتوا من تلك الحجارة أصنامًا عبدوها من دون الله .

قال "الرازي" في "التفسير" (2/ 352): " أنها نار ممتازة [أي: متميزة] من النيران، بأنها لا تتقد إلا بالناس والحجارة .

وذلك يدل على قوتها من وجهين:

الأول: أن سائر النيران إذا أريد إحراق الناس بها، أو إحماء الحجارة؛ أوقدت أولا بوقود، ثم طرح فيها ما يراد إحراقه، أو إحماؤه؛ وتلك - أعاذنا الله منها برحمته الواسعة – توقد، بنفس ما تُحْرِق!!

الثاني: أنها لإفراط حرها: تتقد في الحجر "، انتهى .

وقد قال تعالى عن الجن : ( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ) الجن/14 - 15 .

ثانيًا :

" ليس في قوله تعالى: ( وقودها الناس والحجارة ) دليل على أن ليس فيها غير الناس والحجارة، بدليل ما ذكره في غير موضع من كون الجن والشياطين فيها "، انظر : "تفسير القرطبي" (1/ 235)؛ لكن هذه الآية: تذكر "وقود النار"، ولم تذكر أصناف الداخلين فيها، أعاذنا الله برحمته منها.

والله أعلم 

Icon