﴿ وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا. وأحسن كما أحسن الله إليك. ولا تبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين ﴾ القصص ٧٧.
ﰡ
التكاثُر : جمع الأموال والتفاخر والتباهي بحطام الدنيا. تكاثَرَ المالُ : كثر، وتكاثر القومُ : تفاخروا بكثرة العدد والمال.
أيّها الناس، لقد شَغَلكم الانهماكُ في جَمْعِ الأموالِ، والتفاخرُ والتّباهي بحُطامِ الدنيا ومتاعها، وكثرةُ الأَشياع والأولاد.
حتى نَسِيتم أنكم ستموتون وتُدفَنون في القبور، وغفلتُم عن أنكم إنما تمكثون فيها وقتاً محدَّداً، ثم تُخْرَجون منها يومَ القيامة إلى الحسابِ والجزاء.
ولذلك جاء التعبيرُ بقوله ﴿ حتى زُرْتُمُ المقابر ﴾ يعني أن دُخولكم في القبرِ أشبهُ ما يكونُ بالزِيارة، ثم منه تُخْرَجون.
ويفهم كثيرٌ من الناس من قوله ﴿ حتى زُرْتُمُ المقابر ﴾ أنه حضٌّ على زيارة القبور، وليس هذا هو المقصود.
وفي صحيح مسلم : قرأ النبي صلى الله عليه وسلم : ألهاكُم التكاثُر، ثم قال : " يقولُ ابنُ آدم : مالي ومالُك. يا ابنَ آدم، ليس لك من مالِكَ إلا ما أكلتَ فأفنيت، أو لبستَ فأبْلَيتَ، أو تصدَّقتَ فأمضيت، وما سوى ذلك فذاهبٌ وتاركُه للناس ".
وسوف يُسألون عن كل ما تنعّموا به في الدنيا فيقول :
﴿ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين ﴾.
لقد كرّر كلمة ( كَلا ) ثلاثَ مرّات، وفي هذا زجرٌ وتهديد حتى يتنبّه الناسُ ويستيقظوا، فتنبَّهوا أيها الناسُ، وسارِعوا إلى الخيرات، اعملوا لربّكم ودِينكم وأُمتكم ومجتمعكم.
فسوف تَعْلَمون العِلم الذي لا شَكّ فيه.
قراءات :
قرأ ابن عامر والكسائي : لتُرَوُنَّ بضم التاء. والباقون : بفتح التاء.
وأكد بأنهم سيرونها عِياناً ويقينا.
أما كيف تتمّ هذه الرؤية، وكيف يكون ذلك اليوم.. فكلُّ هذا من الغيبِ الّذي يختلف عن واقِعنا وحياتنا الدنيا.
ثَم لتُسْألُنَّ يا بني آدمَ عن كل ما أُوتيتم وما تمتّعتم به : من أين نِلْتُموه ؟ وفِيمَ أنفقْتُموه ؟ وهل أدّيتم ما وجَبَ عليكم ؟ واللهُ أعلمُ بكل ذلك، لكنّه يَسألهم ليحاسِبَ الناسَ، فيجزي من شَكَرَ ويُعذّب من كفَر.