تفسير سورة التكاثر

إعراب القرآن للنحاس
تفسير سورة سورة التكاثر من كتاب إعراب القرآن المعروف بـإعراب القرآن للنحاس .
لمؤلفه ابن النَّحَّاس . المتوفي سنة 338 هـ

١٠٢ شرح إعراب سورة التكاثر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة التكاثر (١٠٢) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢)
أصوب ما قيل في معناه أنّ المعنى: ألهاكم التكاثر عن طاعة الله جلّ وعزّ إلى أن صرتم إلى المقابر فدفنتم، ودلّت هذه الآية على عذاب القبر لا بعدها كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) أي إذا صرتم إلى المقابر. وروي عن زرّ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نزل في عذاب القبر ألهاكم التكاثر، وقرأ إلى كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) قال الفراء:
واحد المقابر مقبرة ومقبرة وبعض أهل الحجاز يقول: مقبرة، وقد سمعت مشرقة ومشرقة ومشرقة.
[سورة التكاثر (١٠٢) : الآيات ٣ الى ٤]
كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)
ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) تكرير عند الفراء. وأحسن منه ما قاله الضحاك قال:
الأولى للكفار، وذهب إلى أن الثانية للعصاة من المؤمنين.
[سورة التكاثر (١٠٢) : الآيات ٥ الى ٦]
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦)
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) مصدر، وحذف جواب لو. والتقدير: لو تعلمون أنكم ترون الجحيم لمّا تكاثرتم في الدنيا بالأموال وغيرها. قال الكسائي: جواب لَوْ في أول السورة أي لو تعلمون علم اليقين ما ألهاكم التكاثر. وقرأ الكسائي لَتَرَوُنَّ «١» بضمّ التاء. حكاه أبو عبيد عنه، وقرئ على إبراهيم بن موسى عن محمد بن الجهم عن أبي عبد الرّحمن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قرأ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها «٢» الأولى بضمّ التاء والثانية بفتحها. قال أبو جعفر:
والأولى عند الفرّاء «٣» وأبي عبيد فتحها، لأن التكرير يكون متفقا. قال أبو جعفر:
والأحسن ألا يكون تكريرا، ويكون المعنى لترونّ الجحيم في موقف القيامة.
(١) انظر تيسير الداني ١٨٢.
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ٥٠٦.
(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٨٨.

[سورة التكاثر (١٠٢) : آية ٧]

ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (٧)
ثُمَّ لَتَرَوُنَّها إذا دخلتم النار عَيْنَ الْيَقِينِ مصدر لأن المعنى لتعايننّها عيانا.
[سورة التكاثر (١٠٢) : آية ٨]
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)
قيل: أي عن النعيم الذي يشغل عن طاعة الله جلّ وعزّ. وظاهر الكلام يدلّ على أنه عام، وأنّ الإنسان مسؤول عن كل نعيم تنعّم به في الدنيا من أين اكتسبه؟ وما قصد به؟ وهل فعل ما غيره أولى منه؟ ويسند الظاهر للأحاديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه كما قرئ على محمد بن جعفر بن حفص عن يوسف بن موسى قال: حدّثنا هشام بن عبد الملك قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: حدّثنا عمّار بن أبي عمّار قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: جاءني النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخرجنا أو قدمنا إليه رطبا أو بسرا وماء فقال: «هذا من النّعيم الذي تسألون عنه» «١». وحدّثنا علي بن الحسين عن الحسن بن محمد قال: حدّثنا داود بن مهران عن داود بن عبد الرّحمن عن محمد بن عيثم عن ابن عباس ثم لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال: الأمن والصحّة.
(١) أخرجه النسائي في سننه الوصايا ب ٤، وأحمد في مسنده ٣/ ٣٣٨، وموارد الظمآن للهيثمي (٢٥٣١)، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ١/ ١٢٠، والهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ٣١٧.
Icon