تفسير سورة سورة قريش من كتاب التيسير في أحاديث التفسير
.
لمؤلفه
المكي الناصري
.
المتوفي سنة 1415 هـ
" السور التسع " الباقية من الحزب الستين في المصحف الكريم، ابتداء من سورة " قريش " وانتهاء بسورة " الناس "، وكلها سور مكية، ما عدا سورة " النصر ".
ﰡ
ﭑﭒ
ﰀ
أما سورة " قريش " وهي الأولى في هذا الحديث، فرغما عن كونها مستقلة عن سورة " الفيل " التي قبلها، ومفصولة عنها في " المصحف الإمام "، هي في الحقيقة متعلقة بها وتتمة لها، كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمان بن زيد. فمعنى قوله تعالى :﴿ لإيلاف قريش١ ﴾ عند ابن إسحاق وابن زيد : " حبسنا عن مكة الفيل، وأهلكنا أهله ﴿ لإيلاف قريش ﴾، أي : لائتلافهم واستمرار اجتماعهم في بلدهم آمنين، وكذلك لما سيؤول إليه أمر مكة والكعبة، عندما يبعث إلى الخلق خاتم الأنبياء والمرسلين.
وقوله تعالى :﴿ إيلافهم رحلة الشتاء والصيف٢ ﴾، امتنان من الله على قريش بما أفاضه عليهم من الرزق الواسع، عن طريق القوافل التجارية، التي كانت تسير في الشتاء إلى اليمن جنوبا، وفي الصيف إلى الشام شمالا.
وقوله تعالى :﴿ فليعبدوا رب هذا البيت ٣الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف٤ ﴾، دعوة من الله لقريش أن يشكروا نعمته عليهم، وأن يطهروا بيته الحرام من الأصنام والأوثان، إذ " البيت الحرام " بيت الله، ولا رب للبيت يستحق العبادة سواه. قال القشيري : " ووجه المنة في الإطعام والأمان هو أن يتفرغوا إلى عبادة الله، فإن من لم يكن مكفي الأمور لا يتفرغ إلى الطاعة، ولا تساعده القوة ولا القلب إلا عند السلامة بكل وجه، وقد قال تعالى :﴿ ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ﴾ ( البقرة : ١٥٥ )، فقدم " الخوف " على جميع أنواع البلاء ".