تفسير سورة سورة قريش من كتاب أحكام القرآن
.
لمؤلفه
ابن العربي
.
المتوفي سنة 543 هـ
سورة قريش
[ فِيهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ ]
[ فِيهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ ]
ﰡ
وَهِيَ قَوْله تَعَالَى :﴿ إيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴾ :
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ :
المسألة الْأُولَى : قَوْلُهُ ﴿ إيلَافِ ﴾ وَهُوَ مَصْدَرُ أَلِفَ يَأْلَفُ عَلَى غَيْرِ الْمَصْدَرِ، وَقِيلَ : آلَفَ يُؤَالِفُ ؛ قَالَهُ الْخَلِيلُ، وَإِيلَافِهِمْ هَذَا يَدُلُّ من الْأَوَّلِ عَلَى مَعْنَى الْبَيَانِ.
وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْمُلْجِئَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالسُّورَةِ الْأُخْرَى، وَقَدْ قُطِعَ عَنْهُ بِكَلَامٍ مُبْتَدَإٍ وَاسْتِئْنَافِ بَيَانٍ، وَسَطْرٍ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [ فَقَدْ تَبَيَّنَ ] وَهِيَ :
المسألة الثَّانِيَةُ : جَوَازُ الْوَقْفِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ تَمَامِ الْكَلَامِ، وَلَيْسَت الْمَوَاقِفُ الَّتِي تَنْزِعُ بِهَا الْقُرَّاءُ شَرْعًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرْوِيًّا، وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِهِ تَعْلِيمَ الطَّلَبَةِ الْمَعَانِيَ، فَإِذَا عَلِمُوهَا وَقَفُوا حَيْثُ شَاءُوا ؛ فَأَمَّا الْوَقْفُ عِنْدَ انْقِطَاعِ النَّفَسِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَا تُعِدْ مَا قَبْلَهُ إذَا اعْتَرَاك ذَلِكَ، وَلَكِنْ ابْدَأْ من حَيْثُ وَقَفَ بِك نَفَسُك، [ هَذَا رَأْيِي فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى مَا قَالُوهُ بِحَالٍ، وَلَكِنِّي أَعْتَمِدُ الْوَقْفَ عَلَى ] التَّمَامِ، كَرَاهِيَةَ الْخُرُوجِ عَنْهُمْ، وَأَطْرُقُ الْقَوْلَ من عِيٍّ.
المسألة الثَّالِثَةُ : قَالَ مَالِكٌ : الشِّتَاءُ نِصْفُ السَّنَةِ، وَالصَّيْفُ نِصْفُهَا. وَلَمْ أَزَلْ أَرَى رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَنْ مَعَهُ لَا يَخْلَعُونَ عَمَائِمَهُمْ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا، وَهُوَ يَوْمُ التَّاسِعَ عَشَرَ من بَشَنْسَ، وَهُوَ يَوْمُ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ من عَدَدِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ، وَأَرَادَ بِطُلُوعِ الثُّرَيَّا أَنْ يَخْرُجَ السُّعَاةُ وَتَسِيرَ النَّاسُ بِمَوَاشِيهِمْ إلَى مِيَاهِهِمْ. وَأَنَّ طُلُوعَ الثُّرَيَّا قُبُلُ الصَّيْفِ وَدُبُرُ الشِّتَاءِ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ عَنْهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْهُ وَحْدَهُ : إذَا سَقَطَتْ الْهَقْعَةُ نَقَصَ اللَّيْلُ، فَلَمَّا جَعَلَ طُلُوعَ الثُّرَيَّا أَوَّلَ الصَّيْفِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَطْرُ السَّنَةِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ الشِّتَاءَ من بَعْدِ ذَهَابِ الصَّيْفِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.
وَقَدْ سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَمَّنْ حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَ امْرَأً حَتَّى يَدْخُلَ الشِّتَاءُ. فَقَالَ : لَا يُكَلِّمُهُ حَتَّى يَمْضِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ من هَاتُورَ. وَلَوْ قَالَ : حَتَّى يَدْخُلَ الصَّيْفُ لَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى يَمْضِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ من بَشَنْسَ ؛ فَهُوَ سَهْوٌ ؛ إنَّمَا هُوَ تِسْعَةَ عَشَرَ من بَشَنْسَ ؛ لِأَنَّك إذَا حَسَبْت الْمَنَازِلَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ من ثَلَاثَ عَشْرَ لَيْلَةً كُلَّ مَنْزِلَةٍ، عَلِمْت أَنَّ مَا بَيْنَ تِسْعَ عَشْرَةَ من هَاتُورَ لَا تَنْقَضِي مَنَازِلُهُ إلَّا بِتِسْعَ عَشْرَةَ من بَشَنْسَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
المسألة الرَّابِعَةُ : قَالَ قَوْمٌ : الزَّمَانُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : شِتَاءٌ [ وَرَبِيعٌ، وَصَيْفٌ، وَخَرِيفٌ. وَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ شِتَاءٌ ] وَصَيْفٌ، وَقَيْظٌ، وَخَرِيفٌ.
وَاَلَّذِي قَالَ مَالِكٌ أَصَحُّ ؛ لِأَجْلِ قِسْمَةِ اللَّهِ الزَّمَانَ قِسْمَيْنِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمَا ثَالِثًا. وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ.
المسألة الْخَامِسَةُ : لَمَّا امْتَنَّ اللَّهُ عَلَى قُرَيْشٍ بِرِحْلَتَيْنِ :[ رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ؛ رِحْلَةُ الشِّتَاءِ ] إلَى الْيَمَنِ ؛ لِأَنَّهَا بِلَادٌ حَامِيَةٌ، وَرِحْلَةُ الصَّيْفِ إلَى الشَّامِ ؛ لِأَنَّهَا بِلَادٌ بَارِدَةٌ، وَقِيلَ بِتَنَقُّلِهَا بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ إلَى مَكَّةَ وَالطَّائِفِ كَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ تَصَرُّفِ الرَّجُلِ فِي الزَّمَانَيْنِ بَيْنَ مَحَلَّيْنِ يَكُونُ حَالُهُمَا فِي كُلِّ زَمَانٍ أَنْعَمَ من الْآخَرِ، كَالْجُلُوسِ فِي الْمَجْلِسِ الْبَحْرِيِّ فِي الصَّيْفِ، وَفِي الْقِبْلِيِّ فِي الشِّتَاءِ، وَفِي اتِّخَاذِ البادهنجات وَالْخَيْشِ لِلتَّبْرِيدِ، وَاللِّبَدِ وَالْيَانُوسَةِ لِلدِّفْءِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ :
المسألة الْأُولَى : قَوْلُهُ ﴿ إيلَافِ ﴾ وَهُوَ مَصْدَرُ أَلِفَ يَأْلَفُ عَلَى غَيْرِ الْمَصْدَرِ، وَقِيلَ : آلَفَ يُؤَالِفُ ؛ قَالَهُ الْخَلِيلُ، وَإِيلَافِهِمْ هَذَا يَدُلُّ من الْأَوَّلِ عَلَى مَعْنَى الْبَيَانِ.
وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْمُلْجِئَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالسُّورَةِ الْأُخْرَى، وَقَدْ قُطِعَ عَنْهُ بِكَلَامٍ مُبْتَدَإٍ وَاسْتِئْنَافِ بَيَانٍ، وَسَطْرٍ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [ فَقَدْ تَبَيَّنَ ] وَهِيَ :
المسألة الثَّانِيَةُ : جَوَازُ الْوَقْفِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ تَمَامِ الْكَلَامِ، وَلَيْسَت الْمَوَاقِفُ الَّتِي تَنْزِعُ بِهَا الْقُرَّاءُ شَرْعًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرْوِيًّا، وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِهِ تَعْلِيمَ الطَّلَبَةِ الْمَعَانِيَ، فَإِذَا عَلِمُوهَا وَقَفُوا حَيْثُ شَاءُوا ؛ فَأَمَّا الْوَقْفُ عِنْدَ انْقِطَاعِ النَّفَسِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَا تُعِدْ مَا قَبْلَهُ إذَا اعْتَرَاك ذَلِكَ، وَلَكِنْ ابْدَأْ من حَيْثُ وَقَفَ بِك نَفَسُك، [ هَذَا رَأْيِي فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى مَا قَالُوهُ بِحَالٍ، وَلَكِنِّي أَعْتَمِدُ الْوَقْفَ عَلَى ] التَّمَامِ، كَرَاهِيَةَ الْخُرُوجِ عَنْهُمْ، وَأَطْرُقُ الْقَوْلَ من عِيٍّ.
المسألة الثَّالِثَةُ : قَالَ مَالِكٌ : الشِّتَاءُ نِصْفُ السَّنَةِ، وَالصَّيْفُ نِصْفُهَا. وَلَمْ أَزَلْ أَرَى رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَنْ مَعَهُ لَا يَخْلَعُونَ عَمَائِمَهُمْ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا، وَهُوَ يَوْمُ التَّاسِعَ عَشَرَ من بَشَنْسَ، وَهُوَ يَوْمُ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ من عَدَدِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ، وَأَرَادَ بِطُلُوعِ الثُّرَيَّا أَنْ يَخْرُجَ السُّعَاةُ وَتَسِيرَ النَّاسُ بِمَوَاشِيهِمْ إلَى مِيَاهِهِمْ. وَأَنَّ طُلُوعَ الثُّرَيَّا قُبُلُ الصَّيْفِ وَدُبُرُ الشِّتَاءِ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ عَنْهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْهُ وَحْدَهُ : إذَا سَقَطَتْ الْهَقْعَةُ نَقَصَ اللَّيْلُ، فَلَمَّا جَعَلَ طُلُوعَ الثُّرَيَّا أَوَّلَ الصَّيْفِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَطْرُ السَّنَةِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ الشِّتَاءَ من بَعْدِ ذَهَابِ الصَّيْفِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ.
وَقَدْ سُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَمَّنْ حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَ امْرَأً حَتَّى يَدْخُلَ الشِّتَاءُ. فَقَالَ : لَا يُكَلِّمُهُ حَتَّى يَمْضِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ من هَاتُورَ. وَلَوْ قَالَ : حَتَّى يَدْخُلَ الصَّيْفُ لَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى يَمْضِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ من بَشَنْسَ ؛ فَهُوَ سَهْوٌ ؛ إنَّمَا هُوَ تِسْعَةَ عَشَرَ من بَشَنْسَ ؛ لِأَنَّك إذَا حَسَبْت الْمَنَازِلَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ من ثَلَاثَ عَشْرَ لَيْلَةً كُلَّ مَنْزِلَةٍ، عَلِمْت أَنَّ مَا بَيْنَ تِسْعَ عَشْرَةَ من هَاتُورَ لَا تَنْقَضِي مَنَازِلُهُ إلَّا بِتِسْعَ عَشْرَةَ من بَشَنْسَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
المسألة الرَّابِعَةُ : قَالَ قَوْمٌ : الزَّمَانُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : شِتَاءٌ [ وَرَبِيعٌ، وَصَيْفٌ، وَخَرِيفٌ. وَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ شِتَاءٌ ] وَصَيْفٌ، وَقَيْظٌ، وَخَرِيفٌ.
وَاَلَّذِي قَالَ مَالِكٌ أَصَحُّ ؛ لِأَجْلِ قِسْمَةِ اللَّهِ الزَّمَانَ قِسْمَيْنِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمَا ثَالِثًا. وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ.
المسألة الْخَامِسَةُ : لَمَّا امْتَنَّ اللَّهُ عَلَى قُرَيْشٍ بِرِحْلَتَيْنِ :[ رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ؛ رِحْلَةُ الشِّتَاءِ ] إلَى الْيَمَنِ ؛ لِأَنَّهَا بِلَادٌ حَامِيَةٌ، وَرِحْلَةُ الصَّيْفِ إلَى الشَّامِ ؛ لِأَنَّهَا بِلَادٌ بَارِدَةٌ، وَقِيلَ بِتَنَقُّلِهَا بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ إلَى مَكَّةَ وَالطَّائِفِ كَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ تَصَرُّفِ الرَّجُلِ فِي الزَّمَانَيْنِ بَيْنَ مَحَلَّيْنِ يَكُونُ حَالُهُمَا فِي كُلِّ زَمَانٍ أَنْعَمَ من الْآخَرِ، كَالْجُلُوسِ فِي الْمَجْلِسِ الْبَحْرِيِّ فِي الصَّيْفِ، وَفِي الْقِبْلِيِّ فِي الشِّتَاءِ، وَفِي اتِّخَاذِ البادهنجات وَالْخَيْشِ لِلتَّبْرِيدِ، وَاللِّبَدِ وَالْيَانُوسَةِ لِلدِّفْءِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.