تفسير سورة قريش

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة قريش من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن المعروف بـفتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه مجير الدين العُلَيْمي . المتوفي سنة 928 هـ

سُوْرَةُ قُرَيْش
مكية، وآيها: أربع آيات، وحروفها: أربعة وستون حرفًا، وكلمها: سبع عشرة كلمة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١)﴾.
[١] ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ اللام متصلة بما قبلها، والمعنى: فجعلهم كعصف؛ أي: أهلك الله أصحاب الفيل؛ لتتألف قريش، ويؤيده أنّهما في مصحف أبي بن كعب سورة واحدة. (لإِلَافِ) بهمزة مكسورة بعد اللام من غير ياء بعد الهمزة مثل: لِعِلاف مصدر أَلِفَ ثلاثيًّا، يقال: ألف الرَّجل إلفًا وَإِلافًا، وقرأ أبو جعفر: (لِيْلَافِ) بياء ساكنة من غير همز على وزن دينار، وقرأ الباقون: بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة على وزن لِعِيلاف.
* * *
﴿إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (٢)﴾.
[٢] ﴿إِيلَافِهِمْ﴾ بدل من لإيلاف، قرأ أبو جعفر: (إِلَافِهِمْ) بهمزة مكسورة من غير ياء على وزن عِلافِهم، ووجهها أن تكون مصدرَ ثلاثي؛
كقراءة ابن عامر الأوّل، وقرأ الباقون: (إِيلَافِهِمْ) بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة على وزن عِيلافهم (١).
﴿رِحْلَةَ﴾ نصب بـ (إِيَلافِهِمْ) مفعول به، أصل الرحلة: السير على الراحلة، ثمّ استعمل لكل سير، المعنى: أهلك أصحاب الفيل؛ لتبقى قريش وما ألفوا من رحلة.
﴿الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ لئلا يقدم أحد على أذاهم إذا سافروا، وكان لهم رحلتان: في الشتاء إلى اليمن، لأنّه أدفأ، وفي الصيف إلى الشّام للتجارة، وسائر أغراضهم يستعينون بها على المقام بمكة، وسموا قريشًا تشبيهًا لدابة تكون في البحر يقال لها: قرش، تقهر دواب البحر، وتأكلهم ولا تؤكل، وتعلو ولا تُعلى، فشبهوا بها لشدتهم ومنعتهم، وقريش من ولد النضر بن كنانة، ومن لم يلده، فليس بقرشي، فمعنى الآية: لأنّ فعل الله بقريش هذا، ومكَّنهم من الفهم هذه النعمة.
* * *
﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣)﴾.
[٣] ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ وذكرُ البيت هنا متمكن؛ لتقدم حمايته في السورة قبلُ.
* * *
(١) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٢٢٥)، و"تفسير البغوي" (٤/ ٦٩١)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٤٠٣)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٢٤٣).
﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤)﴾.
[٤] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ لأنّهم قاطنون بواد غير ذي زرع، عرضة للجوع والجدب لولا لطف الله تعالى.
﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ فجعلهم بحرمة البيت مفضَّلين على العرب، يأمنون والناس خائفون، ولولا فضل الله تعالى في ذلك، لكانوا بمدرج المخاوف، وقيل: أمنهم من خوف الجذام، فلا يصيبهم جذام ببلدهم، والله أعلم.
* * *
Icon