مكية وآياتها ٨، نزلت بعد الكوثر.
ﰡ
مكية وآياتها ٨ نزلت بعد الكوثر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة التكاثر) أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ هذا خبر يراد به الوعظ والتوبيخ، ومعنى ألهاكم شغلكم والتكاثر المباهاة بكثرة المال والأولاد، وأن يقول هؤلاء: نحن أكثر ويقول هؤلاء: نحن أكثر، ولما قرأها النبي ﷺ قال: يقول ابن آدم مالي مالي وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت «١» حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ فيه ثلاثة أقوال: أحدهما أن معناه حتى متم فأراد بزيارة المقابر الدفن فيها. الثاني أن معناه حتى ذكرتم الموتى الذين في المقابر، فعبّر بزيارتها عن التفاخر بمن فيها لأن بعض العرب تفاخر بآبائها الموتى.
فالمعنى أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حتى بلغتم فيه إلى ذكر الموتى: الثالث أن معناها زيارة المقابر حقيقة لتعظيم أهلها والتفاخر بهم فيقال: هذا قبر فلان ليشهر ذكره ويعظم قدره كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ زجر وتهديد، ثم كرره للتأكد وعطفه بثم إشارة إلى أن الثاني أعظم من الأول، وقيل: الأول تهديد للكفار والثاني: تهديد للمؤمنين وحذف معمول تعلمون وتقديره ما يحل بكم، أو تعلمون أن القرآن حق، أو تعلمون أنكم كنتم على خطأ في اشتغالكم بالدنيا، وإنما حذفه لقصد التهويل فيقدر السامع أعظم ما يخطر بباله.
لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ جواب لو محذوف تقديره لو تعلمون لازدجرتم واستعددتم للآخرة، فينبغي الوقف على اليقين ومعمول لو تعملون محذوف أيضا وعلم اليقين مصدر ومعنى علم اليقين: العلم الذي لا يشك فيه. قال بعضهم: هو من إضافة الشيء إلى نفسه كقولك: دار الآخرة وقال الزمخشري: معناه علم الأمور التي تتيقنونها بالمشاهدة لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ «٢» هذا جواب قسم محذوف، وهو تفسير لمفعول لو تعلمون تقديره: لو تعلمون
(٢). قرأ الكسائي وابن عامر: لترونّ الجحيم بضم التاء والباقون بفتح التاء.
أحدها : أن معناه حتى متم، فأراد بزيارة المقابر الدفن فيها.
الثاني : أن معناه حتى ذكرتم الموتى الذين في المقابر، فعبر بزيارتها عن التفاخر بمن فيها ؛ لأن بعض العرب تفاخر بآبائها الموتى، فالمعنى ألهاكم التكاثر حتى بلغتم فيه إلى ذكر الموتى. الثالث : أن معناه : زيارة المقابر حقيقة لتعظيم أهلها والتفاخر بهم، فيقال : هذا قبر فلان ليشهر ذكره، ويعظم قدره.
للكفار خاصة، فالرؤية على هذا يراد بها الدخول فيها
ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ هذا تأكيد للرؤية المتقدمة وعطفه بثم للتهويل والتفخيم، والعين هنا من قولك: عين الشيء نفسه وذاته، أي لترونها الرؤية التي هي نفس اليقين ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ هذا إخبار بالسؤال في الآخرة عن نعيم الدنيا، فقيل: النعيم الأمن والصحة، وقيل: الطعام والشراب، وهذه أمثلة، والصواب العموم في كل ما يتلذذ به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيت يكنّك [يؤويك] وخرقة تواريك وكسرة تشدّ قلبك وما سوى ذلك فهو نعيم، وقال ﷺ كل نعيم فمسؤول عنه إلا نعيم في سبيل الله، وأكل ﷺ يوما مع أصحابه رطبا وشربوا عليه ماء فقال لهم هذا من النعيم الذي تسئلون عنه «١».