مسألة: قوله تعالى في آية الربا ﴿والله لا يحب كل كفار أثيم﴾ . وفى الآية الأولى من النساء: من كان مختالا فخورا. وكذلل في الحديد. وفى الثانية:﴿من كان خوانا أثيما﴾ . ما فائدة العدول عن قوله: "يبغض "، إلى قوله " لا يحب " مع أنه لا يلزم من نفى المحبة: البغض؟ . وما فائدة تخصيص كل آية بما ذكر فيها؟ .
جوابه: أن البغض: صفة مكروهة للنفوس، فلم يحسن نسبته إلى الله تعالى لفظا. وأيضا: فلأن حال العبد مع الله تعالى إما طاعته أو عدمها. فإذا انتفت محبته لنفى طاعته تعين ضدها، فعبر بما هو أحسن لفظا. وأما كفار أثيم: فإنها نزلت في ثقيف وقريش لما أصروا على الربا، وعارضوا حكم الله تعالى بقولهم: ﴿إنما البيع مثل الربا﴾ ، فهم كفار بالدين، آثمون بتعاطي الربا، والإصرار عليه. وأما آية النساء الأولى: فجاءت بعد قوله تعالى: ﴿واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا﴾ ، وبعد قوله: ﴿وبالوالدين إحسانا﴾ . والعبادة هي التذلل للمعبود والتواضع له، وكذلك الإحسان إلى الوالدين يقتضي التواضع لهما، وذلك ينافي الاختيال والعجب والتفاخر، ويؤيده قوله سبحانه: ﴿وبذي القربى﴾ الآية. وكذلك جاء في لقمان بعد قوله تعالى: (ولا تمش في الأرض مرحا، وفى الحديد بعد قوله تعالى: (وتفاخر بينكم) وأما آية النساء الثانية: فنزلت في طعمة بن أبيرق لما سرق درع قتادة بن النعمان رضى الله عنه وحلف عليه، ورمى به اليهود، ثم ارتد ولحق بمكة، فناسب: ﴿خوانا﴾ . وأيضا: فلتقدم قوله تعالى: ﴿عن الذين يختانون أنفسهم﴾
ﵟ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﵞ سورة النساء - 107