الوقفات التدبرية

قوله {ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم} وفيها أيضا {من بعد...

قوله ﴿ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم﴾ وفيها أيضا ﴿من بعد ما جاءك من العلم﴾ فجعل مكان قول ﴿الذي﴾ ﴿ما﴾ وزاد في أوله ﴿من﴾ لأن العلم في الآية الأولى علم بالكمال وليس وراءه علم لأن معناه بعد الذي جاءك من العلم بالله وصفاته وبأن الهدى هدى الله ومعناه بأن دين الله الإسلام وأن القرآن كلام الله فكان لفظ ﴿الذي﴾ أليق به من لفظ ﴿ما﴾ لأنه في التعريف أبلغ وفي الوصف أقعد لأن ﴿الذي﴾ تعرفه صلته فلا يتنكر قط وتتقدمه أسماء الإشارة نحو قوله {أم من هذا الذي هو جند لكم} {أم من هذا الذي يرزقكم} فيكتنف ﴿الذي﴾ بيانان هما الإشارة قبلها والصلة بعدها ويلزمه الألف واللام ويثنى ويجمع وليس لما شيء من ذلك لأنه يتنكر مرة ويتعرف أخرى ولا يقع وصفا لأسماء الإشارة ولا تدخله الألف واللام ولا يثنى ولا يجمع وخص الثاني ﴿بما﴾ لأن المعنى من بعد ما جاءك من العلم بأن قبلة الله هي الكعبة وذلك قليل من كثير من العلم وزيدت معه ﴿من﴾ التي لابتداء الغاية لأن تقديره من الوقت الذي جاءك فيه العلم بالقبلة لأن القبلة الأولى نسخت بهذه الآية وليست الأولى مؤقتة بوقت وقال في سورة الرعد ﴿بعد ما جاءك﴾ فعبر بلفظ ﴿ما﴾ ولم يزد ﴿من﴾ لأن العلم هنا هو الحكم العربي أي القرآن فكان بعضا من الأول ولم يزد فيه ﴿من﴾ لأنه غير مؤقت وقريب من معنى القبلة ما في آل عمران ﴿من بعد ما جاءك من العلم﴾ فهذا جاء بلفظ ﴿ما﴾ وزيدت فيه ﴿من﴾ .

ﵟ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﵞ سورة البقرة - 145


Icon