الوقفات التدبرية

آية (٧٤) : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ...

آية (٧٤) : ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ * دروس مستفادة من قصة البقرة : بقصة واحدة أخذنا حزمة من الأهداف العظيمة : أولاً : ذبح العجل من القلوب قبل أن يذبح على الأرض ، لأن قطعا العجل الذهبي الذي عبده بنو إسرائيل مُثل لهم فلما يذبحوا البقرة الصفراء فالمعني المعنوي والتربوي هاهو يحصل قطعا أو هكذا يفترض . ثانياً : بنو إسرائيل غلاظ الإيمان بالغيب وبالذات الإيمان بالآخرة فكان درس البقرة ليريهم قدرة الله على البعث كيف يحي الله الموتى ، ضرب ميت بقطعة من ميت فيحيا .. ما هذا؟ هذه قدرة الله هذه معجزة يسوقها الله عز وجل ، وتناسقت القصة مع جو سورة البقرة اللي كله جو الإحياء من بعد الموت . ثالثاً : الجريمة كانت مقيدة ضد مجهول والآن علم القاتل وانتهي التنازع ، أحياء أوشكت أن تقتتل وتقع دماء جديدة . رابعاً : تعليم بني إسرائيل تلقي الأمر للتنفيذ ، وأن الأمر للالتزام ، الشعب مع النبي جند في الميدان الأمر للتنفيذ العسكري ينفذ بلا اعتراض ، هذا نبي يوحى إليه . خامساً : قلوب بني إسرائيل لانت للحظات .. دقائق .. ساعات ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ﴾ يا الله! يعني ما لبثت قلوبكم أن عادت إلى طبيعتها وعادتها وهيئتها رجعت القساوة والعمي النفسي رجع إلى قلوبكم من جديد ، ولكي أعطيك صورة مجسدة لقسوة القلب ما اكتفى بكلمة قست قلوبهم ، لا أعطاك إياه في مثل مجسد ﴿ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ قلوب من اللحم تكون أشد قسوة من الحجارة! الدليل ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء﴾ كالحجر اللي كنتم منه تشربون منه يا بني إسرائيل ورأيتم كيف تخرج المياه من حجارة من قلب الصخر يخرج الماء ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ﴾ ثلاث نماذج على الحجارة إما انفجار أنهار .. إما خروج مياه .. إما هبوط من خشية الله . أفيصيب قلوبكم مثل ما كان من هذه الحجارة؟ الجواب: لا .. إذن قلوبكم أقسى من الحجارة . * ختم الآية الكريمة ﴿وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ بتاء الخطاب وما قال ﴿عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ الماضين لأن المقصود يا حاضرين نزول القرآن ويا شاهدين هذا النبي صلى الله عليه وسلم ، الله تعالي ليس غافلا عما تعملون . * ﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ هذا النص تكرر في القرآن مرات كثيرة لكن في البقرة وآل عمران ﴿وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ : السياق كان دائما يجيء عن بني إسرائيل ، كذلك في البقرة وآل عمران ﴿وما الله﴾ وفي باقي المواطن ﴿وما ربك﴾ لأنه في القرآن المكي كان يتنزل لمسح ألم النبي صلى الله على النبي وسلم فكان ﴿وما ربك﴾ كلمة المواساة ، لكن هنا ﴿وَمَا اللّهُ﴾ يربي المهابة في قلوب بني إسرائيل وغيرهم .

ﵟ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﵞ سورة البقرة - 74


Icon