الوقفات التدبرية

آية (١٦) : (مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ...

آية (١٦) : ﴿مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ * قال تعالى هنا ﴿وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ وفى الجاثية: ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ بزيادة ﴿هُوَ﴾ وسقوط واو العطف: فى سورة الأنعام لما تقدم قوله تعالى (عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ) أي من يصرف عنه العذاب فى الآخرة والفاء في ﴿فَقَدْ رَحِمَهُ﴾ جواب الشرط والفوز مسبب عن الرحمة فذكرا معًا ﴿فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ﴾ وكأن الكلام فقد رحم وفاز، ولم يتقدم من أول السورة ما يتوهمه العاقل فوزًا فيحترز منه فلم يأت بالضمير﴿هو﴾ هنا. في آية الجاثية ورد قبلها قوله تعالى مخبرًا عن قول منكرى البعث: ﴿مَا هِىَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ أي أن هذه هي الحياة ولا حياة وراءها فمن تنعم فيها فذاك فوزه، فأخبرهم تعالى أن الأمر ليس كما ظنوه وذكر أمر الساعة وتفصيل الأحوال فيها وقال ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾ ذلك الفوز لا الحياة التى هى لهو ولعب، فجاء بالضمير للحصر، ولم يتقدم فى آية الأنعام ما يستدعيه كما لم يتقدم فى آية الجاثية ما يستدعى العطف.

ﵟ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﵞ سورة الأنعام - 16


Icon