الوقفات التدبرية

آية (١٥٩) : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ...

آية (١٥٩) : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ * الناس هم بنو آدم إلى أن تقوم الساعة ، وهؤلاء منهم كافر ومنهم مؤمن ، فكيف يوجد اللعن ممن كفر مع أنه هو أيضاً ملعون؟ نحن في الدنيا نجد من يخدع غيره في دين الله ، فإذا ما انجلت الأمور في الآخرة ، يتبرأ الخادع من المخدوع ويتبرأ المخدوع من الخادع ، وكلما دخلت أمة إلى النار لعنت الأمة التي خدعتها ، ويتبادلون اللعن . * في القرآن تعددت الصيغ ﴿أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ بالمضارع و (لَعَنَهُمُ اللَّهُ (٥٢) النساء) فعل ماضي و (أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ ﴿٨٧﴾ آل عمران) و (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿٢٥﴾ الرعد) و (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴿٧٨﴾ ص) : في سورة البقرة التعبير بـ ﴿يَلْعَنُهُمُ﴾ بالفعل المضارع والمضارع في الحال والمستقبل لأمر سيستمر مدى الدهر فالقضية مستمرة لأن في كل عصر هناك من يكتم الآيات البينات ويكتم الحق مع وضوحه . في النساء قال ﴿لَعَنَهُمُ﴾ شيء انتهى أو كان في الماضي ناس ارتدوا كفروا . في آل عمران (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ .. ﴿٨٦﴾ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿٨٧﴾) هؤلاء ارتدوا بعد أن آمنوا بالله وقالوا محمد رسول الله ، والارتداد مستمر منذ أن جاءت الرسل وإلى يوم القيامة ، والتعبير ب (إن واسمها وخبرها) هذه من باب التهديد. في الرعد (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿٢٥﴾) مجموعة ذنوب كبيرة بعضها أكبر من بعض فاجتمعت ينقضون عهد الله بالتوحيد ويقطعون الرحم وقد أمره بها أن توصل وقتل وإبادة وتكفير وما إلى ذلك فقال ﴿لهم﴾ هذه اللام للاختصاص وكأنه لا يلعن أحدٌ كما يلعن هؤلاء ، كأن اللعن ما خُلِق إلا لهؤلاء . أقوى هذه التعبيرات الرهيبة جاءت مرة واحدة في القرآن في سورة ص رب العالمين لعن بها إبليس (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴿٧٧﴾ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴿٧٨﴾) هناك لعنة الله والملائكة والناس لكن أنت إبليس أختص أنا وحدي بلعنك .

ﵟ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﵞ سورة البقرة - 159


Icon