الوقفات التدبرية

آية (١٦٢) : (خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ...

آية (١٦٢) : ﴿خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ﴾ * خالدين فيها وخالدين فيها أبداً في القرآن الكريم سواء في أهل الجنة أو في أهل النار هناك أمران : إذا كان المقام مقام تفصيل الجزاء أو في مقام الإحسان في الثواب أو الشدة في العقاب يذكر ﴿أبدا﴾ لأن ﴿خالدين فيها أبداً﴾ أطول من ﴿خالدين فيها﴾ وإذا كان في مقام الإيجاز لا يذكرها ، أو كون العمل المذكور يستوجب الشدة فيستخدم ﴿أبداً﴾ . ﴿أبداً﴾ لا تحمل معنى التأبيد الدائم أو عدم الخروج لأن الخلود وحده يحمل هذا المعنى . والخلود لغوياً يعني البقاء وهم يقولون الزمن الطويل أحياناً والخلود عند العرب تعني المكث الطويل وليس بالضرورة المكث الأبدي . وقد وردت خالدين فيها أبداً في أهل الجنة ٨ مرات وفي أهل النار ٣ مرات وهذا من رحمته سبحانه لأن رحمته سبقت غضبه . ومسألة وجود وعدم وجود ﴿أبداً﴾ ليس لها علاقة بالخلود الدائم فهناك آيات كثيرة فيها خالدين وحدها وليس في العقيدة أنهم يغفر لهم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ .. خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ) . ﴿أبداً﴾ ظرف زمان خاص بالمستقبل فقط وليس له دلالة زمنية معينة . نستعمل ﴿قطّ﴾ للماضي و﴿أبداً﴾ للمستقبل وخطأ أن نقول ما رأيته أبداً وهذا خطأ لغوي شائع ، نقول لا أكلمه أبداً وما رأيته قطّ . * ﴿وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ الإنظار هو الإمهال ، والمعنى أنهم لا يؤخرون عن عذابهم أو بمعنى لا ينظر إليهم لأن النظر يعطي شيئا من الشفقة لأنك قد تتجه ناحيته فتنظره دون قصد بتلقائية ، وهو سبحانه لا ينظر إليهم أساسا فكأنهم أهملوا إهمالاً تاماً .

ﵟ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﵞ سورة البقرة - 162


Icon