الوقفات التدبرية

* الفرق بين لا تقسطوا ولا تعدلوا (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا...

* الفرق بين لا تقسطوا ولا تعدلوا (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى .. فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً (٣)): الإقساط هو عدم الجور أن لا تكون ظالماً مع من استعملت؟ اليتيمة حينما تكون في حجر وليها إذا تزوجها قد يظلمها في صداقها فيقول الله عز وجل للمؤمنين إذا خشيتم أن لا تكونوا عادلين مع اليتيمة وخشيتم أن لا تزيلوا عنها الظلم فتحولوا إلى سائر النساء ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ وقطعاً الإنسان إذا كان عنده يتيمتين لا يستطيع أن يتزوجهما لأنهما أختان فمعناه لا يوجد هناك أكثر من واحدة، أما ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ هنا بإمكانه أن تكون لديه أكثر من امرأة والعدل فيه معنى المساواة والمعادلة، فمع النساء الأكثر من واحدة فيجب أن يكون هناك تعادل وليس إزالة ظلم عن واحدة، فلما تحدث عن التعدد إستعمل المعادلة، ولما يتحدث عن اليتيمة استعمل إزالة الظلم ﴿القسط﴾. * ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ العَوْل هنا بمعنى العدوان أي لا تعتدوا ولا تتجاوزوا الحق في عدم المساواة بين النسوة ، وليس من الإعالة (عال فلان بمعنى ظلم وليس بمعنى تكفّل) وهذا مستعمل في بعض اللهجات العامية عايل أي ظالم أو معتدي. * ﴿مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء ﴾ دلالة استخدام ﴿ما﴾ وليس ﴿من﴾ : ﴿من﴾ لذات العاقل أي الشخص الكيان من هذا؟ هذا فلان، ﴿ما﴾ تستعمل للسؤال عن ذات غير العاقل مثل ما هذا؟ هذا حصان، وتستعمل لصفات العقلاء، مثل تقول من هذا؟ تقول خالد، ما هو؟ تقول تاجر، شاعر، ﴿مَا طَابَ لَكُم﴾ صفة عاقل، أي انكحوا الطيّب من النساء. * ﴿مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ مثنى معناها اثنتين اثنتين يعني مكرر، وثُلاث في اللغة معناها ثلاث ثلاث وليس معناها ثلاثة، ورباع معناها أربع أربع ليس معناها أربعة. في اللغة لما تقول لجماعة خذوا كتابين يعني كلهم يشتركون في كتابين ولما تقول خذوا كتابين كتابين يعني كل واحد يأخذ كتابين، لا يصح أن يقول فانكحوا اثنتين لأنها تعني أن كلهم يشتركون في اثنتين. والحق سبحانه وتعالى حينما يشرع الحكم يشرعه إما إيجابا وإما إباحة، والزواج نفسه حتى من واحدة مباح، ولكن إذا أخذت الحكم بإباحة التعدد فخذه من كل جوانبه ولا تأخذه ثم تكف عن الحكم بالعدالة، وإلا سينشأ الفساد في الأرض، وأول هذا الفساد أن يتشكك الناس في حكم الله .

ﵟ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا ﵞ سورة النساء - 3


Icon