الوقفات التدبرية

آية (٢٦) : (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ...

آية (٢٦) : ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ * الفرق بين الحزن والأسى: الحزن على شيء مؤقت محبوب فاتك وسوف ينتهي قريباً إما بعودة غائب أو بنجاح بعد رسوب أو بغنى بعد فقر، مثل فى قوله تعالى (لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ (١٥٣) آل عمران) إلى أن قال ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا﴾ الكلام على هزيمة أحد وما فاتكم من نصرٍ وما أصابكم من هزيمة وأذىً وجروح مؤقت وإن شاء الله سيزول بانتصارات قادمة وفعلاً هذا الذي حصل. الأسى على شيءٍ دائم كقول سيدنا شعيب لقومه بعد ما جاءهم عذاب يوم الظُلّة وهلكوا (كَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ)، وهنا ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ يتيهون في صحراء سيناء أربعين سنة هذه كأشغال شاقة هذا أسى. والمأساة من الأسى، فلان يأسى وفلان آسن وفلان أسيان يعني حزنه حزن دائم. * الفرق بين (فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ(٢٦)) و(فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)): الآية الأولى في الكلام مع موسى بخصوص قومه الذين امتنعوا عن القتال وليسوا كفاراً وإنما كانوا مؤمنين به والله تعالى نزّل عليهم المنّ والسلوى ولا يمكن أن يقال عنهم كافرون. أما في الآية الثانية فالخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم في خطابه لأهل الكتاب (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)) فهؤلاء كفرة.

ﵟ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﵞ سورة المائدة - 26


Icon