الوقفات التدبرية

آية (٢٧) : (فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا...

آية (٢٧) : ﴿فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ * هؤلاء الملأ أشراف القوم ذكروا أموراً تدعوهم إلى الشك، ذكروا شبهات: - الشبهة الأولى: أنه بشر ﴿مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا﴾ فلم أُثرت بهذا الفضل؟ قسم يرون أنه لو أراد الله أن ينزل رسولاً لأنزل ملائكة. - الشبهة الثانية: من الذين اتبعوك؟ أراذل القوم ضعفاء اتبعوك بادي الرأي يعني من دون تفكير، من دون روية، وهم ليس لهم قيمة في المجتمع، كيف يرى هؤلاء الأراذل ما لا يراه الأشراف الذين يرون أنفسهم أصحاب منطق وحجة. - الشبهة الثالثة: قالوا ﴿بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ الجميع، أنت ومن معك هؤلاء دخلوا هكذا من دون إيمان، الأتباع أيضاً كاذبون في ظنهم، لم يؤمنوا حقاً به إنما لغرض من الأغراض، أول الأمر آمنوا ولم يشاؤوا أن يرجعوا عن ذلك. * هنا ﴿بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ وفي الأعراف (وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٦٦)) وفي الشعراء (وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (١٨٦)) : - القائل مختلف، في الأعراف هذا قول قوم عاد إلى هود وفي الشعراء قول قوم شعيب لشعيب وهنا لنوح. في الأعراف مؤكدة بـ ﴿إنّ﴾ واللام فمقام التكذيب أشد من الموطنين الآخرين والدليل أنهم قالوا لنبيهم ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ هذا إتهام حقير لم يرد في المواطن الأخرى، ثم كان بينه وبين قومه مشادة عنيفة لم تحصل في المواطن الأخرى (قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ) المواجهة شديدة لذلك كان التكذيب شديداً ﴿وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾. في الشعراء بـ﴿إن﴾ المخففة أقل توكيداً لأنهم قالوا ﴿إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ أى مسحور، ثم لم يواجههم شعيب بل قال ﴿قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ ردة الفعل مختلفة في كلامهم و فيما رد عليهم الرسول. في هود من دون توكيد هم قالوا ﴿مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا﴾ ليس فيه سفاهة ولا مسحرين حتى الرد عليهم لم يكن شديداً (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (٢٨)) .

ﵟ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﵞ سورة هود - 27


Icon